صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/306

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٨٠ –

الشيخ محمد عبده ١٢٦٦ - ١٣٢٣ هـ = ١٨٤٩ - ١٩٠٥ م ) يعتمد نبوغ النابغ على عنصرين أساسيين : استعداده القطرى - أو بعبارة أخرى طبائعه الموروثة - وبيئته التى عاش فيها ، كالشجرة الطيبة إنما تنبت نباتاً حسناً إذا حَسُنَت بذرتها ، ووجدت من التربة والهواء والماء ما يصلح لها ، فإن كانت البذرة سيئة فلا أمل فى شجرة ممتازة ، وكذلك إن حسنت البذرة وساء الغذاء . وقوانين الوراثة فى الإنسان فى منتهى التعقد : ماذا يرث من أبيه ؟ وماذا يرث من أمه ؟ وماذا يرث من آبائه الأقربين ؟ وماذا يرث من آبائه الأبعدين ؟ كل هذا لا يزال غامضاً مع عناية علماء الوراثة بالبحث والتقصى . على كل حال ورث ) محمد عبده » صفات نشأ عليها ، وساعدت بيشته على نموها ، أهمها : الذكاء ، والثقة بالنفس والاعتداد بها ، حب التفوق والعطف ذلك ، ويتبع من أين نبعت هذه الصفات ؟ من تركمانية أبيه كما يقال ، أو من عربية والدته إذ يقال إنها من بنى عَدِى ؛ ولكن ما هذا ولا ذاك بالسبب الكافي ، ففي كل من التركمان والعرب الذكى والغبى ، والعزيز والذليل . ولا نستطيع أن نتثبت من موضع الوراثة حتى نكون على علم تام بآبائه وأمهاته فرداً فرداً ، وأنى لنا هذا ؟ قليس لنا إذا إلا أن نقول : إنه هكذا خُلق . ثم كم من الفلاحين الفقراء في الحقول ، وصغار الشناع في المصانع، من ورث من الصفات ما ورث الشيخ محمد عبده بل خيراً مما ورث ، ولكن لم تسعفهم البيئة