صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/307

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٨١ –

۲۸۱ - وقضت عليهم، وعاشوا وماتوا لم يشعر بهم أحد . ولو وجدوا من الظروف ما وجد الشيخ محمد عبده وأمثاله لظهر نبوغهم وعلا اسمهم وآمن الناس بتفوقهم ، والناس كالكنوز المدفونة ، أحياناً يقضى عليها بالدفن الأبدى ، وأحياناً يمثر عليها فتكون مصدر ثراء . وفى عصر الشيخ محمد عبده إلى عصرنا لم تسعفنا نظم التربية وحالة البلاد الاجتماعية لنستكشف الأحجار الكريمة ، بل هى في أغلب الأحيان تعمل على دقها في الرمال . لا تعجين من هالك كيف تَوَى بل فاعجبن من سالم كيف نجا هذا هو محمد عبده ينشأ في قرية من قرى الريف كما ينشأ ابن كل فلاح في ذلك العصر ، فإذا كان لأبيه بعض البشر وبعض الوجاهة وبعض الدين علم ابنه في الكتاب ، ثم بعث به إلى الأزهر أو إلى معهد ديني ، وكذلك فعل أبوه فأرسله إلى الجامع الأحمدى بطنطا لقربه من بلده ، وليجود القرآن بعد أن حفظه ، ثم ليتعلم العلم ، فأما تجويد القرآن فأمر ميسور ، يسمع ما تيسر فيأخذه الشيخ بضبط مخارج الحروف ومقاييس المد والفتة والإدغام وما إلى ذلك. وأما العلوم التى يدرسها فطرقها في منتهى العقم - على المبتدئ أن يقرأ على شيخ كتاباً فى الفقه وكتاباً في النحو ، وأسر الفقه محتمل ، فهو يبدأ يعلمه في دقة كيف يتوضأ وكيف يصلّى، وهى أمور مارسها في حياته العملية ، فمن السهل التدقيق فيها ما دام الأساس معروفاً . أما النحو فهو الطاقة الكبرى ، فهو لا يعلم كما نعلمه نحن اليوم ، فنبدأ بأن الكلمة اسم وفعل وحرف، ونأخذ في مميزات كل منها ؛ إنما كان يعلم كما في كتاب « الكفراوى على الأجرومية » وأول درس فيه : ه بسم الله الرحمن الرحيم . الباء حرف جر واسم مجرور بالباء وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره أؤلف ، وأؤلف