صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/311

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٨٥ –

- ٢٨٥ و بدأ يدرس النحو فإذا هو يفهم لأن العقدة النفسية قد زالت ، ولأنه بدأ يقرأ الكتاب الثانى فى النحو وهو شرح الشيخ خالد على الأجرومية ، وسوء الوضع جعل الكتاب الثانى أسهل من الأول ، ولعله قد رزق بشيخ خير من شيخه السابق استطاع أن يوضح له ما غمض ويُبين ما أبهم . وإذا بالشيخ محمد عبده يلتف حوله بعض زملائه ليشرح لهم الدرس قبل بدء الأستاذ ، فتعود إليه ثقته بنفسه ، ويسير على الدرب . كانت هذه الأيام السبعة أيام حضانة تكون فيها كل ما اتجه إليه بعد من إصلاح . فاهتمامه بعد بتفسير القرآن ، وجعله أساساً لدعوته الإصلاحية ، وتنقيته للعقيدة الإسلامية مما أصابها من دخيل ، وتلون حياته بلون صوفى راق ، وزهادته في المال ، وغيرته الشديدة على إصلاح المسلمين ، كلها غُرست في هذه الأيام السبعة ، ثم نمت وازدهرت وتعدلت وفقاً للظروف والأحوال . تحول محمد عبده من الجامع الأحمدى إلى الجامع الأزهر ، لأن الأزهر هو المثل الأعلى للتعليم في المعاهد الدينية . - والتعليم فى الأزهر إذ ذاك - وكما رأيناه إلى عهد قريب – يلقى عبء الطالب كله على نفسه من غير أن يحمل أحد أى عبء عنه ، فما عليه إلا أن يسجل اسمه في دفاتر الأزهر ثم يفعل ما يشاء، إلى أن يتقدم لامتحان العالمية ، فهو الذي يختار مدرسه و يختار علومه ويحضر أو لا يحضر ، ويجد أو يلعب، ويفهم أولا يفهم. كل هذا متروك إلى نفسه ، وهو أسلوب يفيد الخاصة ويضر العامة يأتي الطالب من بلده فيسكن فى حجرة فى حى الأزهر ، وقد يشركه في الحجرة طالب أو أكثر ، وفى الحجرة كل أدواته وأدواتهم ، حصير مفروش على الأرض، وصندوق فيه بعض الملابس و بعض الزاد ، و(مرتبة) ولحاف يفرشهما ليلا