صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/312

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٨٦ –

ويطويهما صبحاً ، و ( حَلّة » يطبخ فيها بنفسه من حين لآخر في الحجرة نفسها وقد حدث محمد عبده عن نفسه أنه غضب على كتاب قطبخ به عدما - ومن حين لآخر يأتيه الزاد من البلد ، بعض الخبز و بعض الجين وشيء من السمن ، فإن كان أهله في شيء من الثروة فشيء من القطير وشيء من الدجاج المذبوح ؛ وهذه هي دنياه والطالب المجد يصحو عند أذان الفجر فيصلى الصبح ويذهب إلى الأزهر ليحضر درس الفقه و يستمر الدرس إلى الضحى ، والشيخ يقرأ في الكتاب وهو متربع على كرسى حوله الطلبة ، فإن كان عدد الطلبة قليلا استغنى عن الكرسى وجلس على فَرْوَة ؛ أما الطلبة فيتر بعون على الحصير ، ومن كان منهم من أبناء الأعيان جلس كذلك على فروة ، والشيخ يقرر الجملة ويشرحها والطلبة يسمعون و يعترضون والشيخ يجيب ، وأحياناً يحتد الشيخ فيضرب أو يلعن ، ولا ينتقل الشيخ من جملة إلى جملة إلا بعد أن يقتلها بحثاً ، وقد تضيع الساعتان أو الثلاث في سطر إذا اقتضى الحال ، فإذا ختم الشيخ درس الفقه بقوله : ( والله أعلم » انصرف الطلبة يبحثون عن « فطورهم » فمن كان منهم له « جراية ) - وهى رغيفان إلى خمسة - تسلمها من رواقه وخرج إلى محيط الأزهر ، حيث دكاكين الفول المدمس والطعمية فاشترى منها ما شاء ، وإن كان طالباً متقدماً بعث طالباً صغيراً يقوم عنه بهذا العمل ، وإن كان فقيراً باع رغيفين أو أكثر من الجراية ، ليشترى بثمنها إداما ، وإن كان مُترفاً استعاض عن الفول بالجبن والزيتون والحلاوة الطحينية فى بعض الأيام ، وإذ ذاك ترى الأزهر كله مائدة للطعام ، حلقات حلقات ، وعُد هذا فطوراً وغداء معاً . فإذا انتهى الطلبة من هذا جلس المجدون يطالعون درس النحو القادم، فإذا فرغوا منه كان الظهر قد أذن فتقام الصلاة ويبدأ درس النحو على نحو