صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/314

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٨٨ –

- ۲۸۸ - أهل المجاورين (1) إليهم ليتجنف في الشمس خوف العَفَن ورأيت ثياباً منشورة ومياها مصبوبة إلخ . وفي الدروس ترى مريضاً بجانب صحيح ، وقدراً بجانب نظيف ، ولم يفكر أحد في إشراف طبيب . وقل أن تسمع مدرّساً تعرض فى درسه المسألة خلقية، أو حث على فضيلة أو حذر من رذيلة . كل الكتب التي تدرس في الأزهر من نتاج العصور المتأخرة ، تحدرت من العصور الزاهية ، ولكن عدا الزمان عليها فأفقدها روحها فصارت شكلا . النحو كان يراد منه النطق الصحيح والكتابة الصحيحة وفهم كتب الأدب فهماً صحيحاً فصار مجرد تفهم لألفاظ المؤلفين فى النحو . وأصول الفقه كان يقصد منها التمرين على الاجتهاد فى التشريع فأصبحت ولا اجتهاد ولا تشريع . والبلاغة كان يقصد منها كيف يكتب القول البليغ فصار المؤلفون فيها أعاجم لا يحسنون التعبير كالسعد التفتازاني ، حتى أباح لنفسه الشيخ أحمد الرفاعى أن يدرس أكبر كتاب في البلاغة وهو المطول ، ثم يعترف أنه لا يحسن أن يكتب رسالة ، ولو غير بليغة ، لأن هذا من عمل تلاميذ المدارس المدنية . واشتهر من فطاحل العلماء في هذا العصر : الشيخ أحمد الرفاعي هذا ، وأساس شهرته أنه يحسن فهم الكتب ويستطيع تحليل الجمل وإثارة الشبهات حولها حتى يعقد السهل ويغمض الواضح . والشيخ عليش ، وهو شيخ من أصل مغربي ، شهرته في تدينه وعصبيته ورميه الناس بالكفر لأوهى سبب ، وضيق أفقه وشدة غيرته على الدين بالمعنى الذى يفهمه ، ولكن كان هناك آخرون هيأتهم الظروف لأن يتصلوا بالدنيا وحركة التعليم المدنية ، فاتسع أفقهم ، كالشيخ البسيوني إمام المية ، (۱) المجاورون : من يساكنون الأماكن المقدسة ، ويعتكفون في المساجد ، وقد غلبت هذه الصفة على طلاب الأزهر فى العهود الماضية .