صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/315

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٨٩ –

- ۲۸۹ - وكان ظريفاً فى شكله وفي ملبسه وفي تأليفه ؛ والشيخ حسن الطويل، وكان ذكياً حكما له نظرات فى الحياة صائبة ، يقرأ الفلسفة فيرمي بالزندقة هذا هو الأزهر الذى رآه محمد عبده . يقوم التعليم فيه على الفلسفة اللفظية ، الأسف و يعلم طالبه الدقة فى الفهم والقدرة على الجدل . وهذه محمدة ، ولكن مع لا تستخدم هذه الدقة ولا الجدل إلا فى الألفاظ ، وتجعل صاحبها غارقاً في الاحتمالات بما يراه فى الحواشى والشروح من التأويلات ، فكل شيء يجوز حتى دخول الجمل في البندقة - على حد تعبير الشيخ محمد عبده نفسه يتم الطالب الدراسة فيه فيخرج فاهماً لبضعة كتب ، أما الدنيا وشئونها فإنه يجهلها كل الجهل، فلا جغرافية ولا تاريخ ولا طبيعة ولا كيمياء ولا رياضة ، فكل هذه علوم أهل الدنيا ، وما للآخرة والدنيا ! ومع هذا فالنزاع على الجراية كثير وعلى الوظائف الصغيرة أكثر ، كل شيء خارج عن المألوف كفر أو حرام أو مكروه؛ فتحويل الميضأة » القذرة إلى حنفيات حرام ، وذهاب للبركة ! وقراءة كتب في الجغرافية أو الطبيعة أو الفلسفة حرام ، ولبس «الجزمة ) بدعة . فإن تحركت نفس صالحة للإصلاح خُنقت دعوتها في مهدها ورميت بالزندقة . ومثل هذه البيئة تنتج عقولا جامدة ونفوساً خامدة ، إلا أن يتداركها الله بعدد من الخارج . وقد ذكر الشيخ محمد عبده نفسه أنه حاول أن يغسل أثر هذه البيئة فنجح في بعض وفشل فى بعض . فإن رأيت نابغة خرج منها فبرغمها لا بفضلها . ومن الأسف أن ولاة الأمور من أول الأمر، مع علمهم بنقص الأزهر وحاجته إلى الإصلاح خوفاً من العلماء والرأى العام - تركوه وشأنه يأكل بعضه، وأنشأوا بجانبه المدارس المدنية يشكلونها كيفما يشاءون . زعماء الإصلاح م - ١٩