صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/317

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٩١ –

- ۲۹۱ - من هندسية ، واتصال بكتب الفلسفة القديمة ، وعلم بمصطلحاتها ، ومعرفة بالدنيا وبالسياسة ، وشجاعة فى الكلام بما يعتقد ولو حرم منصبة في دار العلوم ، وزهد في الدنيا حتى لا يهمه منها شيء ، يلبس قفطاناً . البفتة » وجبة من «البنتة» أيضاً ، ويقال له : إن على مبارك باشا سيزور دار العلوم غداً فيعزم أن يلبس كما يلبس كل يوم ، فيُنصح له بأن يتخذ شيئاً من الأناقة ، فيقول : إذا أبعث بجبة من الصوف وقفطان من الحرير إلى دار العلوم ، أما إن أردتم ( حسن الطويل » فهو هو في ملبسه ، ويدعى إلى موائد الأغنياء للإفطار في رمضان فيأكل من طبق الفول ويزهد فيما عداه ، ويطرد من دار العلوم لكلامه في السياسة ، فينفق عليه صاحب مقهى بلدى ، فإذا عاد إلى عمله سلمه الشيخ حسن الطويل مرتبه ليصرف على بيتهما كما كان يفعل وهو مطرود . ويُدرِّس في الأزهر الفلسفة والمنطق فيحضر دروسه نخبة من الطلبة مثل محمد عبده ، فيرمي هو وتلاميذه بالزندقة ولكن دروس الشيخ الطويل تفتح شهية الشيخ محمد عبده ولا تغذيه ، فيجد الغذاء الكافي عند السيد جمال الدين وقت حضوره إلى مصر ، فيتصل به و يلازمه ، وتتفتح له آفاق كانت مغلقة ، ويحس أنه وجد طلبته كان السيد جمال الدين الأفغاني شعلة ذكاء ، وقوة هائلة ، متحركة محركة ، لا يمسها ماس إلا شُحن من كهربائه على قدر استعداده ، دائم التفكير ، دائم القول لمن يفهم ومن لا يفهم ، دائم النقد ، دافع للحركة والثورة والهيجان في للطالبة بالحقوق، حيثما حل رأيت ناراً تشتعل وأفكاراً تهيج ، ومطالب تطلب ، وحكومة تضطرب - قد حدد غرضه فى الحياة ، ووهب نفسه للوصول إليه ، وهو إنهاض الدول الإسلامية من ضعفها ، وتبصرة شعوبها بحقوقها ، ورفع نير