صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/318

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٩٢ –

- ۲۹۲ - الأجنبي عنها ، وتحديد مركز الحاكم والمحكوم فيها ، وربط هذه الدول كليا برباط واحد مع الخلافة في الآستانة .. ووسيلته في ذلك تنوير عقول الخاصة من أبناء كل دولة حتى يعرفوا مركزهم ، وإعدادهم لمهاجمة الغاصبين من الأجانب والمستبدين من الحكام ، ثم هؤلاء يعملون لتكوين الرأى العام بكتابة المقالات في الجرائد والمجلات والخطب في المحافل ، والأحاديث فى المجالس ؛ وكلما كانت المقالات والخطب أحر ناراً وأجهر بالرأى وأصرح فى الدعوة إلى العمل كانت أجود وأنسب . هذه خطته في كل بلد يحله اتصل به في مصر محمد عبده ، وسعد زغلول ، وإبرهيم اللقاني ، وإبرهيم الهلباوى. كما اتصل به في مجالسه الخاصة محمود سامى البارودي ، وإبرهيم الموياحي، وأديب إسحق وغيرهم . كان له درس علم فى بيته، ودروس سياسة واجتماع في مقهاه الذى يجلس فيه ، وحيث يكون زائراً أو مزوراً . وكان أقربهم إلى نفسه محمد عبده؛ قرأ فيه ( السيد » الذكاء وحسن الاستعداد وطيب القلب والحاسة للإصلاح، وقرأ محمد عبده في أستاذه سمة العقل ، وصحة الإرشاد ، والسمو في النفس ، ونبل الغرض ، وشيئاً جديداً لم يره فى الأزهر . لم تكن الكتب التي قرأها عليه محمد عبده ذات قيمة في نفسها ، فهي من جنس ما كان يقرؤه على الشيخ حسن الطويل ، ولكن العبرة ليست بالكتاب وإنما هي بشارح الكتاب ، والعالم الماهر يستطيع أن يصب كل تعاليمه أثناء كلامه على نملة أو نحلة ، وأي جملة في نظره يستطيع أن ينفذ منها إلى العالم الفسيح . استفاد محمد عبده من السيد بصراً بالدنيا التي حجبها الأزهر ، وتحولا من تصوف خيالى إلى تصوف فلسفي عملى ، ورغبة صادقة في العمل للأمة ، وشوقاً إلى الإصلاح الدينى والخلقى والاجتماعي ، وميلا ملحاً إلى إجادة قلمه حتى يتصل