صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/323

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٩٧ –

- ۲۹۷ - السُّخْرة والضرب بالكرباج ، ومنهم من كرهه لسيرته مع الأجانب ، حتى سموه ریاضتون ) على وزن ) جلادستون » ، ومنهم الطموح الذى كرهه الرجعيته . وشعر الناس بغضب الخديو توفيق عليه لأنه يعارضه في بعض أغراضه وتصرفاته ، فشجعهم هذا على محاربته ، وتخصصت جرائد لتجريحه وسبه ، مع أنه كان مؤيدها من قبل أو خالقها . هنا بذرت بذرة الثورة العرابية، وفى هذه الظروف كان الشيخ محمد عبده على رأس الوقائع وإدارة المطبوعات ، فكان يهاجم لأنه من أتباع رياض ، وكان هو نفسه يشعر بالحرية التامة فى نقد الشئون الاجتماعية والعادات الدينية ، ، لكنه يشعر ببعض القيود فيما يمس المسائل السياسية، إما اعترافاً بجميل رياض عليه وعلى أستاذه ، وإما نزولا على مقتضيات الوظيفة ، وإما اعتقاداً بمذهب رياض في التدرج، وإما كلها مجتمعة . حتى كانت الثورة العرابية .

يكاد يكون في كل جماعة نوعان من القادة : نوع طموح يريد القفز إلى الأمام ولا يرضيه السير البطىء ، ولا التفكير الهادئ، ونوع يرى الخير في الهدوء والسير في معالجة الأمور برفق، والإيمان بقانون السبب والمسبب ، فإن أردت النتيجة فكوّن مقدماتها ؛ وهذا الميل إلى هذا أو ذاك يتبع إزاج الشخصي أولا - والتربية والظروف - ثانياً - فمن الناس من خلق هادئ المزاج يصغي إلى حكم العقل ، ومنهم من خلق نارى المزاج يحكم بعواطفه ويحكمها ؛ وهذان النوعان يسميان أسماء مختلفة باختلاف الأمم والأزمنة : أحرار ومحافظون اشتراكيون وغير اشتراكيين - أحزاب اليمين وأحزاب اليسار إلخ . والمعنى واحد و إن تعددت الأسماء