صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/324

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٩٨ –

- ۲۹۸ - وكان في مصر فى أول عهد الخديو توفيق بالطبيعة هذان المزاجان - أو هاتان النزعتان - كلاهما يتفق مع الآخر فى وصف سوء الحال : الفلاح بائس وشقى وجاهل ومظلوم، ومصر كلها شقية بما جر عليها الدين من تدخل الأجنبي وخاصة الإنجليز والفرنسيين فى شئونها حتى تفاصيلها ، وشقية بأداتها الحكومية من انتشار الرشوة والمحسوبية وتفضيل العنصر الشركسي والتركي على المصرى . وشقية بأن سواد الشعب ضعيف الوعى ، مستكين للظلم ، لا يرفع صوتاً من أى جور يناله ، ولا يفهم أن له حقا يطالب به كل الأطباء من الفريقين متفقون على تشخيص المرض ، فإذا هم أخذوا فى وصف العلاج اختلفوا . فأما فريق المحافظين فيرون برنامج العلاج - أولا - نشر التعليم الصحيح بين أفراد الشعب ، على أن يكون من أهم ما يشمله تفهيم الناس الحقوق والواجبات . ثانياً - استخدام الصحافة استخداماً قوياً فى محاربة المفاسد وتنبيه الوعى القومي". ثالثاً - الاجتهاد فى أن يكون رئيس الحكومة حازماً عادلاً ينفذ الإصلاح المعتدل المنشود في قوة . رابعاً - التدرج فى الحكم النيابي بالتوسع في سلطة مجالس المديريات - مثلا - تبعاً للوعى القومي ، فإن رقى هذا الوعى بالتربية والتعليم نما المجلس النيابي تبعاً له حتى يصبح بعد سنوات والوعى القومى قوى ، والمجلس النيابي قوى ، ولا فائدة من مجلس نيابي يوضع وضعاً قوياً ما لم تسانده الأمة والرأى العام ؛ ولا يمكن ذلك الآن والأمة في حالة قل أن نجد فيها معارضاً قوياً يجرؤ على نقد الحكومة . وكان من هذا الرأى محمد عبده ، وسعد زغلول ، ومن لف لفهما ، وبهذا دَعَوْا فيما كانوا يحررون في الوقائع المصرية ، وفيما كانوا يقولون ويخطبون. وكانوا يرون فى رياض باشا - وهو على رأس الحكومة - المحقق لهذا الغرض، فهو عدل نزيه حازم ميال للخير محب للإصلاح قابل للنصيحة لو جاءت ممن يثق به - على الرغم من عيوبه الأخرى .