صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/325

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٩٩ –

-- ۲۹۹ - أما الطائفة الأخرى فكانت نواتها أفراداً تعلموا في أوربة لا من طريق البعثة ، وعاشوا فيها زمناً طويلا ، ورأوا نظمها ولسوا حرية أفرادها ، وأعجبوا بحرية سياستها في نقد الحكومة وأعمالها، وعادوا إلى مصر فتقرروا من حالها ونظامها ، فدعوا فى مجالسهم وجرائدهم إلى إصلاح وثاب، أو أفراداً تعلموا على الأنماط الأوربية ، وتثقفوا ،ثقافتها ، وهؤلاء يريدون حرية شخصية للفرد في أعماله وعقائده ، ولا يسمحون للحكومة أن تتدخل فيها ما لم يقع العمل تحت سلطة القانون ؛ وحرية سياسية تامة فى نقد الحكومة وأعمالها ، وأهم ما في هذا الباب إنشاء مجلس نيابي مستقل على النظام الإنجليزى أو الفرنسي ، له الإشراف العام على الحكومة ، وهي مسئولة أمامه لا أمام الخديو. وكان على هذا الرأى بعض المصريين ، وبعض الجالية السورية . وتجادل الفريقان فى هذه المبادئ أيما جدال ؛ وهذا ما يفسر كل ما صدر من الشيخ محمد عبده فى مقالاته فى الوقائع وغيرها ، فهو يعنى فيها بأمر التربية والتعليم ، ويلح فى إصلاحها وينال من ذلك بعض غرضه ، وينقد العادات السيئة ، ويدعو إلى التخلص منها ، ويدعو إلى احترام القوانين وإطاعتها . ومن ناحية أخرى يكتب مقالا عنوانه « خطأ العقلاء » يهاجم فيه الفريق الآخر ، في دعوته إلى الحرية الشخصية ، والحرية الاجتماعية ، ففى الحرية الشخصية يرى أنها ضارة ما لم تدعم بالتربية ، وإلا سقط الناس في الخمر والقمار وهتك الحرمات ، وجاهروا بالإلحاد . بل نراه يفضل ( الكبة ) على الحرية الشخصية من غير تربية ، والكبسة عادة كانت جارية ، وهى أن يهجم رجال الضبط على بعض الأماكن المشبوهة ليلا ليقبضوا على من يظن فيهم الاجتماع الخمر أو فجور ؛ فيقول: « فالكبسة على ما كان فيها من الخطر على الأنفس والأموال وشناعة الصورة لو أحسن فيها القصد لكانت أولى وأفضل، إلى زمن تتقدم فيه التربية ، فيكون لكل شخص D