صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/326

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٠٠ –

زاجر من نفسه فترتفع الكبسة بذاتها » . وكذلك رأيه في الحرية السياسية ، يرى أن يبدأ بإصلاح المجالس البلدية وتعويد الأهالى السير عليها قبل مجلس نيابي منقول نظامه عن أوربة . ثم يستمر متمسكا بهذا الرأى حين يقول : ( إنما ينهض بالشرق مستبد عادل » رداً على من يرى أنه إنما ينهض بالشرق حكم نيابي شامل ، ويرى فى هذا المقال أن هذا المستبد العادل يستطيع أن يفعل فى خمسة عشر عاماً الأعاجيب ، وينقل الأمة خطوةً واسعة إلى الأمام. ويرى الفريق الآخر أن الحرية الشخصية حق طبيعي للإنسان لا يصح أن يُهدر لأى سبب ، ومَثَل من يقول بالقضاء عليها لسوء استعمالها كمن يريد إبطال السكك الحديدية لأن القطار يقتل بعض الأفراد ، والعفة التي تحتاج إلى حارس أقل قيمةً من أن يحرمها حارس . وأما الحرية السياسية فلا بد منها لمعالجة ما أصاب البلاد من الاستبداد ، والمستبد العادل إذا ظفرت به أمة أعقبه فى الأمم الأغلب مستبدون ظلمة ، فلا يصلح إلا أن يكون علاجاً مؤقتاً . والحكم النيابي هو الأمل الوحيد في الإصلاح، فإن كان الناس لم يتعودوه فليتعودوه ، ولا بأس من مضى قليل من الوقت حتى يألفه الناس ويسيروا عليه . وكان من ألسنة هذه الدعوة شاب سوري اسمه أديب إسحق . كان ذكيا كاتباً شاعراً خطيباً مثقفاً ثقافة واسعة، مطلعاً على شئون العالم الأوربي وتاريخه ، يجيد العربية والفرنسية والتركية مطلعاً على آدابها ، وأسلوبه في الكتابة أقوى من أسلوب الشيخ محمد عبده وصحبه يوم كانوا يحررون فى الوقائع ، تتلمذ أيضاً للسيد جمال الدين في مصر ، وتشرب من روحه ، وكان متأثراً تأثراً كبيراً بالعقلية الفرنسية، على حين كان الشيخ محمد عبده متأثراً بالعقلية الأزهرية والشرقية ،