صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/327

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٠١ –

11-21 وحتى في سيرته الشخصية كان مسرفاً على نفسه ، على حين كان الشيخ محمد عبده متديناً ورعاً . كان لأديب إسحق هذا جريدتان يحرّر فيهما ، وهما : « مصر » و « التجارة ) ، وكان شعلة ملتهبة يعيش عيشة عنيفة على حساب أعصابه ، فكان يهاجم الاستبداد و يطالب بالحكم النيابي فى أكمل صوره . يقول : لقد عرف الناس الآن شرور الاستبداد ، وترفعت نفوسهم بالعلم عن الرضا به ، وصار الأمر شُورى عند جميع الدول المتمدنة إلا الروسيا، وذلك إن صحت تسمية الدولة المستبدة مطلقاً بدولة متمدنة . إن ثورة فرنسا برزت إلى عالم الفعل عام ۱۷۸۹ وصدمت قوة الاستبداد فزلزلتها ، ودفعت سطوة التقليد فضعضعتها ، ورفعت عن العيون نقابها، وعن النفوس حجابها ، فانست من جانبها نور الحرية ، وخلعت جلابيب الرق والعبودية ، فتصدى لها أعوان الرق وأنصار العبودية، وما أنوا (۱) في قتالها جهداً ، فلقيتهم وهى ترى الموت فى الحرية حياة ، والحياة فى الرق موتاً ، فلم يبلغوا منها قصداً ، ورسخت في عالم الوجود قدمها ، وأدهشت الدنيا بشدة حولها ، إلخ . ويهاجم رياض باشا وصحبه فى مذهبهم ، وينعى عليهم اعتقادهم في ضعف المدارك المصرية ويقول : « زرت رياض باشا على عهد الوزارة الأجنبية في ديوان الداخلية ، فقابلته خارجاً من الغرفة فجلسنا على مقعد الباب ، فقال : كيف ترون الحال ؟ قلت : رأى الوزير أوسع . قال : وما الذى يبلغكم من أخبار الريف ؟ قلت : إن الناس أملوا كثيراً ولم ينالوا شيئاً، فأوشكوا أن يعودوا إلى اليأس بعد الرجاء ، والوزير يعلم أن النكسة شر من الداء. فقال بازدراء : فليرجعوا إلى حالة المشف و يعانوا عذاب الظلم . قلت : إنهم لا يرومون ذلك ، ولكن يرومون نيل الحرية وتأييد الكلمة الوطنية . فقال متهكما : ألا يرجون مجلس النواب ؟ قلت . لا يدع (1) : ما ألو ، أي ما قصروا .