صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/329

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٠٣ –

النواب استدعاه وعينه رئيساً لقلم الإنشاء والترجمة بنظارة المعارف ، ثم سكرتيراً فى مجلس النواب ، ثم مات شاباً في التاسعة والعشرين من عمره . الأسف لم يكن مصدر الثورة هذا الحزب الذي يطالب بالمجلس النيابي ومع والحرية الشخصية، ولو كان لاتخذت الثورة وضعاً آخر ، ولنظر إليها على أنها ثورة من الأمة لتحقيق العدل . إنما بدأت الثورة من الحزب العسكرى وعلى رأسه عرابي ، يطالبون بتحقيق المساواة بين الضباط المصريين والضباط الشركسيين ، ولكن اتسعت الثورة رويداً رويداً ، وزادت مطالب عرابي باشا شيئاً فشيئاً ؛ فتزعم - أيضاً - الوطنيين وطلاب المجلس النيابي ، وانضم إليه سلطان باشا أول الأمر - وكان من الناقمين على رياض والمطالبين بالحكومة النيابية - و بانضمامه انضم كثير من الأعيان وعلماء الأزهر ، ثم انضم الشعب بأجمعه تهيجه الجرائد الثائرة ، وعلى رأسها عبد الله نديم ، وامتزجت مطالب الجنود بمطالب الأعيان وبمطالب الأهالى ، وطلب العدالة بين الضباط بطلب الحكم النيابي وبإلغاء الاستبداد - وكل ذلك تنفذه القوة العسكرية . لو حكمنا منطق الواقع فيما سيحدث لقلنا إن الشيخ محمد عبده لا ينغمس في هذه الثورة العرابية مطلقاً ، لا فى أولها ولا في آخرها ؛ لأنه لا يؤمن بالحكم النيابي السريع ، ولأنه يشايع رياض باشا ، ولأنه لا يرضى أن تكون الثورة بيد العسكريين ، ولأنه يكره عرابى باشا ، ويعتقد أنه شهم في الكلام ضعيف في الحرب ، يحتكم إلى المنامات أكثر مما يحتكم إلى العقل ، أليق به أن يكون واعظاً اللعوام من أن يكون زعيم أمة - وإن كان طيب القلب حسن النية – ولكنا نجده با قراره مناهضاً للثورة في أولها ، مشايعاً لها في آخرها . وليس بصحيح ما يقال من أنه لما تطور أمر الثورة من مطالبة بالمساواة العسكرية إلى مطالبة بالحكم النيابي انضم إليها ، فإنه لم يكن يؤمن بالحكم النيابي العاجل كما قدمنا . إنما الأمر في