صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/331

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٠٥ –

19.11 ندیم سبب قريب ، ثم انقلب الشيخ محمد عبده سبباً قريباً يوم حميت النار ؛ فلئن اتهم بأنه من زعماء الثورة وحوكم عليها ، لقد كان ذلك حقاً

هذا هو الشيخ محمد عبده في بيروت بعد أن قبض عليه لاشتراكه في الثورة العرابية وأودع السجن ثلاثة أشهر للتحقيق ، لاقى فيها الأمرين من اضطهاد و إهانة وشماتة أعداء وتنكر أصدقاء وتضييق بالأسئلة وإحراج فى الاستجواب، تم حكم عليه بالنفي ثلاث سنوات . يقيم في بيروت نحو عام - سنة ١٨٨٣ - وسنه إذ ذاك نحو أربع وثلاثين سنة . ثم لا يلبث أن يدعوه أستاذه السيد جمال الدين ليوافيه إلى باريس فيلبي (۲) الدعوة ، ويشتركان فى إخراج مجلة «العروة الوثقى . للسيد التوجيه والروح ورسم الخطط وإبداء الأفكار، وتلشيخ التحرير والصياغة وتفصيل المعاني . إدارة الجريدة في غرفة صغيرة فى سطح منزل في باريس، هي مكان التحرير وملتقى الأتباع ومجمع الأفكار ، وهذه الغرفة الصغيرة أثارت الأفكار وأخافت الإنجليز والفرنسيين ، وأقلقت راحتهم ، أكثر مما أخافتهم عمارات ضخمة وإدارات فخمة ، بل أكثر مما أخافتهم الجنود والبنود ، فالعبرة بالسكان لا بالمكان وهذا الشيخ محمد عبده يتأثر بباريس، بما يطلع على شئونها ومعيشة أهلها فيطيل شعر رأسه ويلبس الطربوش ويحتفظ بالجبة والقفطان ، ولكن لم يكن له من الفراغ ما يتعلم فيه الفرنسية ، فهمته تستغرق كل وقته ، فهو وأستاذه وقليل (1) الأمران : الشر والأمر العظيم . (۲) انظر أغراض المجلة في ترجمة و جمال الدين ) زعماء الإصلاح - م ٢٠