صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/332

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٠٦ –

من الأنباع يحملون عب، التفكير والتحرير والتصدير، وتمهيد السبل السرية والعقلية لوصول المجلة إلى أنحاء العالم الإسلامي ، وتأسيس فروع مركزية لمساعدتها وانتشارها وتحقيق أغراضها . والقارئ للمقالات التي كان يحررها الشيخ محمد عبده في الوقائع المصرية ومقالات ( العُرْوَةِ الْوُلْقى » يرى الفرق الكبير بينهما في الأتجاه والغرض والأسلوب والحرارة . كانت مقالاته فى ( الوقائع » تقصد إلى الإصلاح الاجتماعي في مصر وحدها D بأسلوب هادئ ، يغلب عليه العقل والتحفظ والتدرج ، ومقالات العروة الوثقى تنظر إلى العالم الإسلامي كله على أنه وحدة ، فإن ذكرت مصر أو الهند فعلى سبيل المثال ، وكانت تقصد أول ما تقصد إلى مناهضة الاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله ، وتهدف إلى رفع نيره عن العالم الإسلامي كله عن طريق ثورة الشعوب ، وبث روح المزة القومية بواسطة العقيدة الدينية الصحيحة ، وخلق الأمل في النجاح مكان اليأس ، وتوثيق الصلات بين الشعوب الإسلامية كلها لتتعاون على دفع أذى الأجنى عنها ، والتخلص من المستبدين الظالمين من أهلها ، وتأسيس الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية على أسس أصول الإسلام الأولى : من إعداد السلاح ومقابلة القوة بالقوة ، وطرح العقائد الدخيلة التي تدعو إلى الاستسلام مثل رمى العبء كله على القضاء والقدر ، وإفهام الشعوب أن الإسلام في شكله الصحيح لا يتنافى مع المدنية ، ولا يعوق التقدم والوصول إلى ما وصلت إليه الأمم الأخرى . هذه المعانى القوية أكسبت أسلوب الشيخ محمد عبده قوة لا تجدها في الوقائع » . ثم إننا نلاحظ أن الشيخ » متى اتصل بالأستاذ فنارى من ناره وثائر من ثورانه ، و عاطفى من حرارة وجدانه ؛ فإذا انفصل عنه عاد إلى.