صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/340

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣١٠ –

لدخولكم بلادنا ، ورجل مثله - انضم إلى أعدائنا أيام الحرب - لا يمكن أن نشعر نحوه بأدنى احترام، ومع هذا إذا ندم على ما فرط منه وعمل على الخلاص منكم ربما غفرنا له ذنبه - إننا لا نريد خونةٌ ، وجوههم مصرية وقلوبهم إنجليزية » . لهذا كان من العسير عودته إلى مصر فى عهد توفيق ، ولكن عادت وزارة رياض باشا إلى الحكم وسعى عند الخديو جماعة في العفو عنه ، ومنهم الأميرة نازلى ولم تكن تعرفه ولكنها سمعت عنه . كثيراً من رجال مُنتَداها ومنهم سعد زغلول ، وكانت حسنة الصلة مقبولة الرجاء عند اللورد كرومر ، ومنهم الغازى مختار باشا ؛ وأفعل شفاعة كانت - بطبيعة الحال - شفاعة اللورد كرومر ، وقد قال D الضغط في كتابه « مصر الحديثة » : « إن العفو صدر عن الشيخ محمد عبده بسبب ا البريطاني » . وينسُبُ بعضهم الفضل الأول فى العفو إلى مختار باشا ، ولكن المطلع على الأحوال في ذلك الوقت يعرف أنه ما كان الخديو توفيق يعفو إلا برضا اللورد كروم أو ضغطه . وهنا يصح أن نتساءل : ماذا كان وراء الستار ؟ واللورد كروم لا يقدم على هذا لمجرد رجاء الأميرة نازلى ورجال ندوتها ، وهو يعلم ما كان من الشيخ محمد عبده مع السيد جمال الدين فى العروة الوثقى التي هاجمت إنجلترا أشد مهاجمة وعدتها للمسلمين . أكبر خصم الذي يظهر لي أن أصدقاء الشيخ محمد عبده في مصر استوثقوا منه أنه إن عاد لا يشتغل بالسياسة العليا ، فقد جربها واكتوى بنارها ، ولم يفد منها ما يرجو لأمته والعالم الإسلامي ؛ وإنما يعمل على الإصلاح الديني والنظم الدينية ، وهذا لا يضر موقف الإنجليز فى مصر فى شيء . وعلى هذا الأساس قبل اللورد كرومر شفاعة الأصدقاء ، وضغط على الخديو توفيق ، فسمح له بالعودة ،