صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/342

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣١٢ –

- ۳۱۲ - D: السودان ، ويقول لمكاتب التيمس : ( إن أمامي واحدةً من ثلاث خطط في الحكم، إما اتباع نصائح إنجلترا ظاهراً والعمل على محاربتها في الخفاء، أو إطاعتها إطاعة عمياء ، أو أناقش نصائحها بكل صراحة وأبدى آرائي فيها ، فإذا قبلت فيها ، وإلا فأنا مضطر لقبولها ؛ وقد أتبعت في الحكم الطريقة الأخيرة ، فرميت بالضعف، فهل كان يمكنني أن أقاوم إلى النهاية ؟ ) . إن أهم غرض للشيخ محمد عبده كان إصلاح العقيدة والمؤسسات الإسلامية كالأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية . ومثل هذا الإصلاح لا بد أن يعتمد فيه المصلح على سلطة قوية تحمى ظهره، وإلا كان كأي عالم من علماء الأزهر لا تسمع له كلمة ، ولا يؤبه له بدعوة ، فعلى أى السلطات يعتمد ؟ . أعلى الخديو توفيق وهو يكرهه كل الكراهية ، ولو ترك له الأمر ما أعاده من منفاه ؟ ثم هو ليس له من الأمر شيء ، ولكنه على كل حال السلطة الشرعية ، والمؤسسات الدينية التي يريد إصلاحها أمس به أم على الإنجليز وفي يدهم القوة، ولو عاونوه في الإصلاح لتحقق بفضل نفوذهم ، ولكن أليس من المهانة أن يُستعان على ذلك بالأجنبي المحتل للبلاد ؟ ولو استعان لظلات دعوته بظلال من وحى الأجنبي" ، وظن الناس الظنون بكل ما يدعو بهم إليه ؛ ولكن هم الذين لهم الفضل فى دخوله مصر ، ولولاهم لظل مبعداً ؛ ثم هم لا يمانعون في الإصلاح الدينى والمؤسسات الدينية ، إذ هذا الإصلاح لا يؤثر في مركزهم فى مصر . فما الضرر من الاستعانة بهم لتحقيق الغرض ولواتهم وكړه ؟ . أم يعتمد على الأمة وهى ضعيفة منهوكة ممزقة ، لم يتكون فيها وعى قومى ، ولا شعور بالعزة ، وكبراؤها أسوأ ما فيها ثم إن إصلاح العقيدة والمؤسسات الدينية تهيجها - كما هو الشأن دائماً - لأنها ألفت الفاسد حتى لم تشعر بفساده