صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/343

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣١٣ –

- ۳۱۳ - فإذا دعيت إلى الإصلاح هاجت وماجت ورمت الداعى بالكفر والزندقة ، فكيف يعتمد عليها في الإصلاح ؟ . أعتقد أن هذا وأمثاله هو ما كان يدور في ذهن الشيخ محمد عبده ويحيره ، وهو في طريقه إلى مصر عند عودته . وأظن أنه وضع قراراً فى أعماق نفسه بمسالمة الخديو ما استطاع ، والاستعانة بالإنجليز فيما ينوى من إصلاح . يدل على هذا أنه وضع تقريراً بعد عودته عما يراه في وجوه إصلاح التعليم في مصر ، ورفعه إلى اللورد كروس ، لا إلى غيره ، تسليما منه بأنه القوة الفعالة . ويدل عليه سيرته الواقعية ؛ فقد ظل طول حياته بعد عودته يسالم الإنجليز ويتعاون معهم ، وهي سياسة لها منطقها ؛ فقد كان يرى أن جلاء الإنجليز لا يأتى إلا من طريق استنارة الشعب وفهمه لحقوقه وواجباته ، وغضبه من الاعتداء على حقوقه ، وهمته في أداء واجباته ، ومصر لم تكن تبلغ هذا المبلغ ، ووسيلة إصلاحها التعليم - ثم يرى أن مسألة مصر لا تُحل بمواجهة مصر لإنجلترا ، بل بالحالة الدولية العامة ، والتفات الدول إلى أن مصلحتها فى استقلال مصر. وإلى أن يحدث ذلك يجب على القادة أن ينيروا الشعب بالتعليم ولا يجعلوا كل همهم الاشتغال بالسياسة ؛ فهو ينقد جمال الدين لأنه صرف كل جهوده فى السياسة دون الإصلاح الداخلي للشعوب ، وينقد الأميرة نازلى فى أنها انصرفت إلى المجهود السياسي ولم تؤسس جمعية للنهضة النسوية - مثلا - وإذا حضر مجلسها لم يحب أن يتكلم في السياسة، وهي لا تحب إلا أن يتكلم في السياسة . وكان في مصر رأيان : رأى يقول إنه لا أمل في الإصلاح الحقيقي إلا بزوال الاحتلال أولا ، ورأى يرى أن الإصلاح الحقيقى الداخلى هو وسيلة الجلاء ، وعلى الرأى الثانى كان الشيخ محمد عبده وأصحابه ، وعلى الرأى الأول كان مصطفى كامل