صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/344

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣١٤ –

وأصحابه ، وبينهما حرب قوآن، يتهم الأولون الآخرين بالرُّعُونة ، ويتهم الآخرون الأولين بالرجعية والضعف . وطبيعي أن يكون الزعماء السياسيون من الرأى الأول ، والمصلحون الدينيون والاجتماعيون من الرأى الثانى. وفى الحق أن السيد جمال الدين كان زعيما للناحيتين ، أو على الأقل اعتقد أن رسالته إصلاح المقيدة الدينية والإصلاح السياسي بمهاجمة الاحتلال الأجنبي ، ولكنهما لم يجتمعا إلا في يده ؛ ثم من بعده دعا دعاة إلى هذا ودعاة إلى ذلك ، تخلفه فى مصر في إصلاح العقيدة الشيخ محمد عبده وتخلى عن السياسة ، وخَلَفَه فى السياسة فقط عبد الله نديم ، ثم مصطفى كامل، ثم سعد زغلول . ومن الإنصاف - إذا قومنا الشيخ محمد عبده في هذه الناحية - أن نراعى كل ظروفه وكل الأحوال في زمنه ، فلم يكن الشيخ محمد عبده . يدعاً في هذا الاتجاه ، فمثله في ذلك كان السيد أحمد خان المصلح العظيم في الهند ، خطته أن يصلح الشئون الاجتماعية والدينية لمسلمى الهند مع مسلمة الإنجليز، حتى .مع. لا يحاربوه في إصلاحه .. فقد رسم ولما اقتنع بهذه النظرية سار عليها قولا وعملا ، وقد استفتى مرة في الاستعانة بالأجانب فكان من فتواه : و قد قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جواز الاستعانة بغير المؤمنين وغير الصالحين على ما فيه خير ومنفعة للمسلمين، وأن الذين يعيدون إلى هذه الاستعانة لجمع كلمة المسلمين وتربية أيتامهم وما فيه خير لهم لم يفعلوا إلا ما اقتضته الأسوة الحسنة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأن من كفرهم أو فسقهم فهو بين الأمرين: إما كافر أو فاسق ؛ فعلى دعاة الخير أن يجدوا في دعوتهم، وأن يتمضُوا على طريقتهم ، ولا يحزنهم شتم الشائمين، ولا يغيظهم لوم اللائمين ، فالله كفيل لهم بالنصر إذا اعتصموا بالحق والصبر » .