صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/347

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣١٧ –

- ۳۱۷ - والتي لا شأن للإنجليز بها ، والتي في صلاحها صلاح للأمة ، وتقوية لمركز الخديو. إذ في ذلك برهان قوى على أنه إذا وكل إليه الأمر أحسن خيراً مما يحسن الإنجليز في إدارتهم - وهى : الأزهر ، والأوقاف ، والمحاكم الشرعية . وليكن البدء بالأزهر ، فاقتنع الخديو بذلك ، وكلفه تقديم تقرير ، ففعل واعتمد ، وصدر القرار بتشكيل مجلس إدارة للأزهر برئاسة الشيخ حسونة ، وفيه الشيخ محمد عبده ، والشيخ عبد الكريم سلمان ، مندوبين عن الحكومة ، واعتمده مجلس النظار سنة ١٨٩٥ ، وصدق عليه الخديو، وأتيحت الفرصة للشيخ محمد عبده لإصلاح الأزهر الذي تمناه من يوم أن كان مجاوراً ساخطاً على سوء حاله . يالله وإصلاح الأزهر ! ما حاوله أحد من قبل ونجح ، ولا الشيخ محمد عبده ، لأن كل المحاولات كانت تتجه إلى هامش الموضوع لا أساس الموضوع ، وكانت عن سبيل استرضاء أهله والخوف من أى قلق واضطراب ، والأزهريون كان يتزعمهم طائفة ألفت القديم حتى عدته دينا ، وكرهت الجديد حتى عدته كفراً ، وعاشت في المغارات فلم ترضوءاً ، وأفنت عمرها في فهم لفظ ، وتخريج جملة ، وتأويل خطأ ، فلم تر حقائق الدنيا فإذا أتى مصلح سم أهله الجو حوله ، واحتموا بالدين يخيفون به الحكومة ، ويكسبون به عامة الشعب ، وخنقوا الطائفة القليلة من شبابه النازعين إلى التجديد وحرصوا على مراكزهم أن يكتسحها الإصلاح وجاههم أن ينتقل إلى يد المصالحين، وبجانبهم طائفة أخرى تؤمن بالقديم عن صدق وإخلاص ، ولكن عن ضيق أفق ، وغفلة عن الحق ؛ هم من جنس ماقال أهل الحديث عن بعضهم : ( تتطلب دعوتهم ، ولا نقبل شهادتهم ، فتتجمع كل هذه العوامل ، فيضطر المصلح - أخيراً - إلى الانسحاب إن غضب ، أو المداراة والمسالمة والرضا بالموجود إن لم يغضب . وتضطر الحكومة أن تتخلى عن إصلاح الأزهر حبا في السلامة ، وتتركه يأكل بعضه بعضاً ، وتنشىء بجانبه المعاهد لمعلمى