صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/350

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٢٠ –

أن يوجه أنظاره إلى ترقية الشئون المصرية كالتعليم وإصلاح المحاكم الشرعية وإصلاح الأزهر ، فهو بذلك يخدم بلاده والشيخ محمد عبده يَصْدر فى هذا عن مزاجه وطريقته في التفكير والإصلاح، ويتكلم في ذلك في مجالسه الخاصة، فيبلغ الخديو فيُسرها له . ولكن حدث أن خلا مكان لكسوة التشريفة في الأزهر، فأراد الخديو أن يشغله الشيخ محمد راشد مفتى المعية ، ولم يكن تنطبق عليه اللائحة الموضوعة ، فأوعز الشيخ محمد عبده بعدم تنفيذ ذلك الأمر و إعطاء الكسوة للمستحق، وزاد الطين بلة أن العلماء لما اجتمعوا عند الخديو فى التشريفات كلم الخديو شيخ الجامع فى غضب وتوبيخ ، فرد الشيخ محمد عبده في حدة : « إذا شاء أفندينا أن تكون كاوى التشريف بمقتضى إرادته الشخصية فليصدر بذلك قانوناً آخر ينسخ هذا القانون » فلما سمع الخديو هذا الرد احمر وجهه ووقف ، إيذاناً للحاضرين بالانصراف و آلى على نفسه أن يحرج المفتى ويكيد له حتى يخرجه من منصبه ، وينتقم (1) من فعلته . ثم أعقب ذلك وقوف الشيخ محمد عبده وحسن باشا عاصم في أرض يريد الخديو استبدالها من الأوقاف ، ورأيا أن هذا العرض ليس في مصلحة الوقف ، وحملا مجلس الأوقاف الأعلى على رفض هذا الاستبدال إلا إذا دفع للوقف عشرون ألفاً فرقاً بين الصفقتين انكشف الغطاء وظهر العداء وذبرت المؤامرات ودست الدسائس ، وكلما أمين الخديو فى ذلك اضطر الشيخ محمد عبده إلى كثرة الاتصال بالإنجليز، وكلما اتصل زاد غضب الخديو، حتى لقد هم الخديو بعزله من الإفتاء ، فصرح اللورد كروم : « إنه لا يوافق على عزله من منصب الإفتاء ، مهما كانت الأحوال، ما دام موجوداً ) . (1) آلى : أقسم . .