صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/355

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٢٣ –

- ۳۲۳ - هده همه اقدام كسوة التشريف لغير مستحقها ، أو تساهل في استبدال الوقف ، ثم كان ثمن ذلك أن تطلق يده فى الإصلاح كما يريد، وحينئذ يجد من الخديو كل عون ! ولكن فاتهم أن الطبيعة تأبى أن تخلق من على معاوية ، أو أن تجعل من عمر عمراً . وعا بوه أنه نظر إلى الخديو عباس من جانبه الأسود، وهو جشعه المادى ووسائله في ذلك ، ولم ينظر إلى جانبه الأبيض وهو إباؤه الاستسلام للمحتلين ، وتشجيعه الحركة الوطنية وتغذيتها وتنميتها . بل إن الشيخ محمد عبده كان يناهض أيضاً دعاة الحركة الوطنية ، ويرميهم بالنهور ، ويقنع في آماله الوطنية بالقليل ، كما يدل عليه كتاباه اللذان نشرا بعد موته، وكان قد أرسلهما إلى صديقه مستر ( بلغت » يشرح فيهما مذهبه فى الإصلاح السياسي، وفيهما قناعة في السياسة لا ترضى الوطنيين ، وقد أثارا نفوس الخديو والوطنيين وحتى بعض المعتدلين . ولكن - مهما كان الأمر - فإن العظيم يجب أن يقدر من جميع جوانبه لا من جانب واحد ، وكان الشيخ محمد عبده مصلحاً دينياً ومصلحاً اجتماعياً ومصلحاً للغة والأدب ، وشخصية بارزة فى التفكير ، وأخيراً سياسياً . فإن هو لم يوفق في سياسته فهذا لا يقلل من نواحيه القيمة الأخرى . نعم يسقط الرجل في السياسة أن يُشترى بمال أو يبيع ذمته لمنصب ، ولكنا نجزم أن الشيخ محمد عبده كان وفيا لأمنه مخلصاً نزيهاً ، يسلك هذا المسلك السياسي عن عقيدة وتقدير للمصلحة، ويجتهد أحياناً ، فيخطىء وتحمله الظروف القاسية أحياناً على ما يكره . والحق أن كثيراً من شيوخ الأمة كانوا في ذلك الوقت على مثل رأيه السياسي ، كسعد باشا زغلول ، وفتحى باشا زغلول ، وحسن باشا عاصم ،