صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/356

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٢٤ –

٣٢٤ - ومحمود باشا سليمان وغيرهم من رجال حزب الأمة ، ولكنه هوجم من هذه الناحية أكثر مما هوجموا ، لأن الخديو عباس كان يؤلب عليه أكثر مما يؤلب عليهم ، ولأن الناس اعتادوا أن يروا رجال الدين بعيدين عن السياسة وخاصة مع المحتلين . في سنة ١٩٠٥ كان الأزهر هادئاً وعلى رأسه السيد على الببلاوى ، وكان رجلا يرتاح إلى الشيخ محمد عبده ويرتاح محمد عبده إليه ، والأمور سائرة سيراً طبيعياً ، فظهرت فجأة حركة تدعو إلى الشعب وتشكو من شيخ الأزهر ومن مجلس الإدارة ، وكان القائمون بها من المتصلين بالخديو ، على أثر رفض الشيخ محمد عبده وحسن عاصم استبدال الوقف الذى أشرنا إليه - وعلى أثر هذا الشغب استقال السيد على الببلاوى ، وعيّن الخديو عباس الشيخ عبد الرحمن الشرييني ، وهو ممن لا يستطيع الشيخ محمد عبده العمل معهم لرجعيته وجموده . وخطب الخديو في حفلة الإنعام بالخلعة على الشيخ الشربينى خطبة تدل على الغيظ الشديد من الشيخ محمد عبده وصحبه ، قال فيها : ( إن الأزهر أسس وشيد على أن يكون مدرسة دينية إسلامية ، تنشر علوم الدين فى مصر وجميع الأقطار العربية . ولقد كنت أود أن يكون هذا شأن الأزهر والأزهريين دائماً ، ولكن مع الأسف رأيت فيه من يخلطون الشغب بالعلم ، ومسائل الشخصيات بالدين ، ويكثرون من أسباب القلاقل ... وأول شيء أطلبه أنا وحكومتى أن يكون الهدوء سائداً في الأزهر ، والشغب بعيداً عنه ، فلا يشتغل علماؤه وطلبته إلا بتلقى العلوم الدينية النافعة البعيدة عن زيغ العقائد وشعب الأفكار، لأنه مدرسة دينية قبل كل شيء؛ وقد استقال السيد على الببلاوى رعاية لصحته ، وقد جريت منذ اثنتي عشرة سنة على أن أقبل استقالة كل من يستقيلنى من وظيفته ، فقبلت استقالته ، ومن يستقيلنى من وظيفته سواه فأنا مستعد أن أقبل منه ، جرياً على العادة التي اتبعتها. ومن يحاول بث الشغب بالوساوس والأوهام أو الإيهام بالأقوال ، أو بواسطة الجرائد