صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/357

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٢٥ –

- ٣٢٥ - والأخذ والرد ، فليكن بعيداً عن الأزهر ، ومن كان أجنبيا من هؤلاء ( يريد السيد محمد رشيد صاحب «المنار» ( فأولى أن يرجع إلى بلاده ، ويبث فيها ما يريد من الأقوال والآراء المغايرة للدين ولمصلحة الأزهر والأزهريين ) . فلم ير الشيخ محمد عبده بداً من الاستقالة ، وقد آمن بعجزه عجزاً تاما عن إصلاح الأزهر الذي يريده لم يلبث بعد هذه الحادثة أن أحس وطأة المرض ، فعزم على السفر إلى أوربة للاستشفاء ، ولكن لم يمنعه ذلك من العمل فى مجلس الشورى ومجلس الأوقاف والجمعية الخيرية الإسلامية ، وامتحان دار العلوم، وإعداد مشروع مدرسة القضاء ؛ ثم ألح عليه المرض واختلف الأطباء فى تشخيصه : هل هو المعدة أو الكبد ؟ ثم مع الأسف. السرطان ، فأشاروا عليه بعدم السفر . وفى يوم تبين أنه ١١ يولية سنة ۱۹۰٥ فاضت روحه إلى ربها عن نحوستة وخمسين عاما ، وكان برمل الإسكندرية فى منزل صديقه محمد بك راسم ، وقرر مجلس النظار أن تحتفل الحكومة رسمياً بتشييع جنازته فى الإسكندرية ومصر ، وكان مشهداً مهيباً رائعاً، تم دفن بقرافة المجاورين . وكان الخديو متغيباً . عن مصر ، فأنب من احتفل به ، أو احتفى بجنازته من رجاله و بعد ، فما إصلاحه ؟ وما مبادثه في الإصلاح ؟ وما أثرها في الأمة ؟

صوره السيد جمال الدين مرة تصويراً لطيفاً ، إذ رأى منه عزة نفس وإباء ضيم ، وترفعا عن سفساف الأمور وطموحاً إلى معاليها ، فقال له : « أى ملك في جلدك ؟ » . وكان مع هذه العزة والإباء حى الضمير حسّاس النفس عطوفاً على البائسين