صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/360

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٢٨ –

وأنواع الجناس وإن كان رديئاً في الذوق بعيداً عن الفهم ، ثقيلا على السمع ، غير مود للمعنى المقصود. وهناك أمر آخر كنت من دعاته والناس جميعاً في عمى عنه . ولكنه الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية وما أصابهم الوهن والضعف والذل إلا بخلو مجتمعهم منه . وذلك هو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب ، وما للشعب من حق العدالة على الحكومة . نعم كنت فيمن دعا الأمة المصرية إلى معرفة حقها على حاكمها ، وهى لم يخطر لها هذا الخاطر على البال من مدة تزيد على عشرين قرناً ؛ دعوناها إلى الاعتقاد بأن الحاكم و إن وجبت طاعته هو من البشر الذين يخطئون وتغلبهم شهواتهم ، وأنه لا يرده عن خطئه ، ولا يقف طغيان شهوته ، إلا نُصْح الأمة له بالقول والفعل . جَهَرْنا بهذا القول والاستبداد في عنفوانه ، والظلم قابض على صولجانه (۱) ، ويد الظالم من حديد ، والناس كلهم عبيد له أى عبيد . ولم أكن في كل ذلك الإمام المتبع ، ولا الرئيس المطاع، غير أني كنت روح الدعوة وهى لا تزال بى فى كثير مما ذكرت قائمة ، ولا أبرح أدعو إلى عقيدتى في الدين، وأطالب بإتمام الإصلاح في اللغة وقد قارب . أما أمر الحكومة والمحكوم فتركته للقدر يقدره ، وليد الله بعد ذلك تديره ، لأنني قد عرفت أنه تمرة تجنيها الأمة من غراس تغرسه ، وتقوم على تنميته السنون الطوال ، فهذا الغراس هو الذي ينبغي أن يعنى به الآن ، والله المستعان » . في هذا القول الموجز كل حياة الشيخ محمد عبده الإصلاحية ، وكل رسالته ، وكل نجاحه وفشله . ثلاثة أمور اتجه إليها : إصلاح الدين، وإصلاح اللغة والأدب، وإصلاح السياسة . فلنذكر كلمة في عمله في كل منها (1) الصولجان : عصا معوجة الرأس .