صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/361

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٢٩ –

۳۲۹ - فأما إصلاحه الديني فاتجه فيه إلى إصلاح الأزهر . وكان رأيه أنه إذا أصلح خدم العالم الإسلامي أكبر خدمة ، لأنه سيخرج قوماً خيراً على الدين ، متنورين ، ينبثون في جميع أنحاء العالم الإسلامي فيحملون مثل رسالته ويقومون بمثل دعوته ؛ وقد استعان على ذلك بالخديو والإنجليز و بمنصبه وجاهه وأصدقائه ، ثم كان من أمره ما ذكرنا ؛ ولهذا وأمثاله وصفه اللورد كروس بأنه كان رجلاً مستنير الرأي ، بعيد النظر ، خيالياً ، حالماً بعض الشيء ، ولكنه كان وطنياً صادقاً » . ومع أنه لم يصل فى الأزهر إلى ما يريد ، ولا إلى بعض ما يريد ، فقد خَلَّف فيه طبقة مستنيرة، وإن كانت قليلة ، اعتنقت مبادئه وتشبعت بآرائه ، وإن لم تكن لها حماسته وغيرته . واتخذ أهم وسيلة لإصلاح العقيدة تفسير القرآن الكريم، جعله ديدنه يدرسه في بيروت في مسجدين، ويدرسه في أحد مساجد القاهرة وهو قاض ، ويدرسه في الأزهر وهو فى القضاء والإفتاء ، ويتخذ موضوع محاضرته في الجزائر تفسير سورة العصر، ويفسر جزء عم لتلاميذ مدارس الجمعية الخيرية الإسلامية، وينشر دروسه في التفسير في مجلة المنار ليقرأ في العالم الإسلامي . كان يقرأ الآية، فإذا اتصلت بالعقيدة شرحها شرحاً وافياً ، عارضاً ما ورد في القرآن في موضوعها ، مبيناً ما دخل على المسلمين في هذه العقيدة من فساد ودخيل، وإذا اتصلت الآية بالأخلاق أبان أثر هذا الخلق في صلاح الأم وضياعه في فسادها ، وإذا اتصلت بحالة اجتماعية أوضح أثر هذه الحالة الاجتماعية في حياة الأمم ، مستر شداً بالواقع، مستشهداً بما يجرى في العالم ، في بيان متدفق ولسان ذلقي وصوت جميل أخّاذ ؛ فهو تفسير عملى يشرح الواقع ويبين سببه ، وهو أخلاق يدعو للعمل على مبادئ الإسلام، ويبين أنها منبع السعادة في كل العصور ؛ وهو رُوحاني يدعو إلى السمو بالنفس إلى العالم العلوى ، وينزه الله عما