صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/362

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٣٠ –

دخل على العقيدة من فساد بالإشراك مع الله الأولياء وعبادة الأضرحة والتشفع بأهل القبور ، وإقامة الموالد ونذر النذور ؛ وهو فى كثير من مبادئه يشبه تعاليم الوهابية فى الرجوع إلى الأصول الأولى للإسلام، وتنقيته من البدع والخرافات والأوهام ؛ ولكنه يتقبل ما صلح من مبادئ المدنية الحديثة ، ويدعو إلى الأخذ بها ما اتفقت والإسلام . الإسلام دين توحيد لا شيرك فيه ، تنزيه لا تجسيم فيه ، وهو دين يعتمد على العقل ويستنهضه لإدراك أن العالم له صانع واحد عالم قادر ، والعقل ضروري للدين، فهو المرشد إليه ، والدين ضرورى للعقل لأنه يكمله ويقومه . والإسلام يفتح صدره للعلم ويدعو إليه ، لأن العلم يكشف أسرار الكون ، وذلك يفضي إلى معرفة الله وإجلاله وهو في تفسيره يحاول التوفيق بين الإسلام ونظريات المدنية الحديثة ، ويتبع طرقاً من التأوليل للتوفيق بين الدين ونظريات العلم . أكبر قيمة له فى تفسيره أنه كان يحيى العواطف ، ويحرك المشاعر ، أكثر مما يستقصى بحث المسائل العلمية ؛ فهو يتجه إلى القلب أكثر مما يتجه إلى العلم والعقل ، متأثراً في ذلك بطبيعة الدين نفسه ؛ أفادته سمة اطلاعه على الفلسفة الإسلامية تم اتصاله بالثقافة الغربية ، وقراءته بعض أصولها ، ورحلاته إلى أوربة وملابسته لحياتها ، ومقابلته لبعض فلاسفتها ، وسماعه بعض محاضرتها ، أن ينظر إلى حال المسلمين نظرة إشفاق في عقيدتهم وأعمالهم، فيبت كل ما يرى من إصلاح حول تفسير آيات القرآن . واستمر يدرّس هذا الدرس فى الأزهر نحوست سنين ، كان يحضره كثير من علية القوم وكبار القضاة والموظفين وشباب الأزهر والمدارس العالية ، وكان درسه ذا أثر كبير فيهم .