صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/364

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٣٢ –

۳۳۲ - وكما جد فى نشر تعاليمه وآرائه فى الإسلام جد في الدفاع عنه ، وكانت تأخذه الغيرة الشديدة إذا مسه أحد بسوء . يتجلى ذلك في موقفين شهيرين : ۱ - رده على هانوتو - ففى أوائل سنة ۱۹۰۰ نشر هانوتو مقالا عن الإسلام بمناسبة سياسة فرنسا فى المستعمرات الإسلامية ، ثم تعرض للمقارنة بين المدنية النصرانية والإسلامية، ووازن بينهما في مسألتين: ذات الله والقضاء والقدر. فقال : إن اعتقاد النصارى فى التثليث ، وتصورهم للإله الإنسان جعلهم يرفعون مرتبة الإنسان ويخولونه حق القرب من الذات الإلهية ؛ على حين أن العقيدة الإسلامية بدعوتها إلى التوحيد وتنزيه الله عن البشرية ، حملت الإنسان على الضعف والوهن ، والعقيدة المسيحية القائلة بحرية الإنسان وإرادته ، دفعته إلى العمل والجد ؛ أما عقيدة المسلمين في القضاء والقدر فحملتهم على الجمود والركود . و نُشرت ترجمة هذا المقال في المؤيد ، فلم ينم الشيخ محمد عبده ليلته حتى كتب الرد عليها ، وظهرت أول مقالة له فى ثانى يوم ، ثم تتابعت مقالاته ، بين فيها فضل الإسلام ، وأن عقيدة التوحيد أسمى فكرة ، وأن الإسلام لم يدع إلى الجبرية بالمعنى الذى يفهمه ها نوتو، وأن في القرآن أربعاً وستين آية تثبت حرية الإرادة إلخ . وكان من نتائج هذا كتابه المشهور « الإسلام والنصرانية » . - وأما الموقف الثانى فقد نشر فرح أنطون في مجلة « الجامعة » مقالا عن ابن رشد قرر فيه أن المسيحية كانت أوسع صدراً وأكثر تسامحاً والفلسفة من الإسلام، فرد عليه الشيخ محمد عبده في سلسلة مقالات ، يثبت فيها سعة صدر المسلمين للفلاسفة وأهل العلم والأديان الأخرى ، مما لم يكن له نظير في أي دين آخر . وهكذا كانت حياته في خدمة دينه . اللعلم