صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/368

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٣٤ –

- ٣٣٤ المخصص فى إعداد مدونة الإمام مالك للطبع بعد أن استحضر لها الشيخ محمد عبده أصولا من تونس وفاس . وهو الذى أخذ بيد الشنقيطى ولولاه ما بقى في مصر، فكان الشنقيطى علماً من أعلام اللغة يعلمها للناس ويصحيح ما تعقد من الكتب، وينشر البحوث اللغوية الدالة على اطلاع واسع وتدقيق عميق . وهو الذى عهد إلى الأستاذ سيد المرصفي في تدريس كتب الأدب بالأزهر، أمثال كتاب الكامل للمبرد وديوان الحماسة لأبي تمام ، ولم يكن ذلك معروفاً من قبل ، فكان عمله هذا سبباً فى نهضة لغوية أدبية واضحة تأثر بها كثير من الأدباء البارزين وتلاميذهم . فإن قلنا إنه حول الكتابة من كتابة مسجوعة سخيفة إلى كتابة مرسلة جميلة ، ومن كتابة فارغة المعانى إلى كتابة يعنى فيها بالمعانى لم نبعد. أما إصلاحه السياسى فكان فى مجلس الشورى مذعين عضواً به ، فكان قوة فعالة فيه . قال صديقه حسن عاصم وكان زميلا له في المجلس : « لقد عُين الشيخ محمد عبده سنة ۱۸۹۹ ، وكان بين أهل الحل والعقد في الحكومة وبين رجال مجلس الشورى شيء أشبه بالخلاف فى الرأي ، أدى إلى أن الحكومة نفذت كثيراً من المشروعات التي كان المجلس يرى الخير للأمة في عدم العمل بها ، وصرفت النظر عن كل أوجه التعديل في المشروعات التي كان يرى أن الصلاح والنفع للأمة فى تعديلها . فلما جاء الأستاذ إلى المجلس ونظر في الأسر نظرة الحكيم البصير، وعرف أن ليس هناك ما يدعو إلى هذا الانفراج ، وإنما هو سوء التفاهم باعد ما بين المشارب على تقاربها ، سعى رحمه الله في أن يزيل أسباب هذا الخلاف، فكان ما أراد ؛ وعرفت الحكومة أن المجلس إنما يطلب ما فيه سعادة الأمة ، ويبتغى الخير لها، وأن ليس له غرض في مصادمة آراء الحكومة ومطالبها ما دامت تتفق مع مقصده، وعلم المجلس أيضاً أن الحكومة