صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/369

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٣٥ –

لا تقصد إلى شيء وراء ما يقصده لمصلحة البلاد، وبذلك اتفقت الكلمة في الغالب ، ولم يعد بين الهيئة الحاكمة والهيئة النيابية من الخلاف ما يتعسر حله» . وكان ما ترسله الحكومة من المشروعات يؤلف المجلس لجنة لدرسه، وكثيراً ما تكون برئاسة الأستاذ ، سواء أكانت المسألة قانونية أم اجتماعية أم شرعية : حتى قد التهم المجلس وقته وهو لا يعبأ بالجهد يبذل فيه ، لأنه كان يرى أن عمله ، مع الأعضاء درس يعلم الجد والاهتمام بالأمور العامة للبلاد، وأنه وسيلة لتربية الرأى العام . الاجتماعي ، والصحافة هذه ناحيته السياسية الرسمية . أما غير الرسمية - وأعنى بها عمله في موقف الأمة من الحكام - فقد لخص موقفه منهما فى قوله : « إنه يريد تنبيه الرأى العام حتى يميز ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدالة على الحكومة ، وأن الحاكم من البشر يخطى ويصبب ، ولا يصده عن الخطأ إلا تيقظ الرأى العام ووقفه الحاكم إذا تجاوز حده - بالقول أو الفعل. ووسيلة تنبيه الرأى العام التعليم ، وخاصة التعليم النزيهة ، وتربية القادة فى مجلس الشورى وأمثاله ، فيدرسون المسائل درساً وافياً، ويبدون الرأى في إخلاص وأمانة، فيكون هذا كله درساً يقلد عند طبقات الشعب». هذا النحو من السياسة - وهو الاعتماد في النضج السياسي على التعليم والتربية برنامج عقلى لا برنامج شعورى ، وهو قلما ينجح في الدعوة السياسية ؛ إنما ينجح فيها من يعتمد على الشعور ، و إلهاب العواطف . ولذلك نجح عبد الله نديم ومصطفى كامل سياسياً أكثر مما نجح محمد عبده . ولعله هو قد أدرك ذلك فقال في أمر الحكومة والمحكوم : « إنى تركته للقدر يقدره ، وليد الله بعد ذلك تدبره» . وفى هذا القول نغمة يأس، وشعور بالفشل . سببت له دعوته الإصلاحية الدينية ومذهبه السياسي خصومات ذوات ألوان ؛