صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/374

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٣٨ –

خاتمة أثرت دعوة هؤلاء المصلحين وأمثالهم في الأمم الإسلامية ، فأعلت مستواها ورفعت من شأنها ، فكانت حالتها بعدهم ، خيراً مما كانت قبلهم . لقد عاصر أكثرهم غَزْوَ الغرب للشرق واستيلاءه عليه ، فلما غزاه حمل معه مدنينه ، سواء منها ما كان مدنية مادية كالسكك الحديدية والآلات الصناعية والمخترعات الحديثة ، وما كان مدنية معنوية كالأفكار والعقائد والعادات ونظم الحكم ونحو ذلك . فأما الحضارة المادية فقد تقبلها العالم الإسلامي في سهولة ويسر، لظهور نفع أكثرها ورخصها وملاءمتها للحياة ، ولأن الأوربيين كانوا يشجعون نشرها بكل الوسائل ، إذ كان انتشارها فى مصلحتهم أيضاً ؛ فمد السكك الحديدية فى البلاد المحتلة يمكن من سلطانهم ، ويسهل لهم طريق حكمهم ، وانتشار المخترعات يفتح السبيل لتجارتهم ورواج مصنوعاتهم وهكذا . وقد تغلغلت هذه المخترعات والأدوات والآلات في جميع طبقات الشعب ، وغزت الكوخ الحقير كما غزت القصر الكبير ، حتى كان جلباب الفلاح البسيط وصبغته من منتجات أوربة . أما الحضارة المعنوية ، من أفكار وعقائد - فقد قوبلت بحذر ولم تتفتح لها الصدور كما نفتحت للحضارة المادية ، لأنها أحيانا تصدم العقيدة ، وأحياناً تخالف التقاليد والأفكار الموروثة . ولم تنتشر إلا في طبقات محدودة ، هي طبقات المثقفين ثقافة أجنبية أو من كان من تلاميذهم . ومع هذا فقد تقطر إلى الشعب منها بعض الأفكار والآراء من طريق الصحف وما إليها . على كل حال كانت مشكلة المدنية الغربية وما صحبها من غزو من أعقد