صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/377

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٤١ –

- ٣٤١ - ومساعدتها على المرانة فى حكم نفسها ، قابل القوة بالقوة والعنف بالعنف ، وواجه المطالبة بالحرية بزيادة التضييق على الحرية ؛ فازدادت كراهية الشرق للغرب ، واتسعت شُقّة الخلف بينهما . ووجد في هذه الآونة إلى الإصلاح الاجتماعى الداخلى ، ولكن صوتهم كان خافتاً بجانب الزعماء السياسيين ، وقويتْ هذه الظاهرة على مر الأيام ، حتى إننا لنرى من يدعون في مصر - مثلاً - أنه لم يقم مصلح اجتماعي بعد « قاسم أمين ) على حين أن سلسلة الزعماء السياسيين لم تنقطع ، وتبع هذا أن عواطف الشعوب كانت تتجاوب وزعماء السياسة أكثر مما تتجاوب ودعاة الإصلاح الاجتماعي . وتزاحمت الأم الأوربية على استغلال الشرق ، وتدافعت المناكب ، حتى كان ذلك من أهم أسباب الحرب العالمية الأولى سنة ١٩١٤ ، فلما اشتد القتال وود كل فريق أن يكسب الحرب بأي ثمن ، بذلت الوعود للشرق بأنه إذا بذل المعونة في الحرب عوض عن ذلك بتحقيق أمانيه ، وخطبت في ذلك الخطب الرنانة، وقيلت الأقوال البديعة فى حق الشعوب المستضعفة في الحرية . ولكن ما انتهت الحرب، وجاء دور عقد المؤتمرات، حتى أخلفت هذه العهود، فبلغ الغضب من الشرق ما يبلغه من الرجل أصيب فى شرفه وخُدع فى كرامته . وكان من نتيجة هذا أن استمر الشرق في نضاله ، وارتفع صوت المتشائمين الذين يسيئون الظن بأوربة ، وخفت صوت المتفائلين الذين يدعون للمصالحة - فلما جاءت الحرب الثانية مثل الدور من جديد ، ولكن كان الشرق قد اشتد وعيه ، وقوى ساعده ، فنال بعض أقطاره قسطاً وافراً من حريته واستقلاله ، وبعضها قسطاً أقل ، وبعضها لم ينل شيئاً ؛ وذلك تبعاً لاختلاف حالة كل قطر في قوته المعنوية وملابساته المحيطة به. ولكن على كل حال شجع من تقدم من تخلف ، ومن ظفر من لم يظفر