صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/380

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٤٤ –

٣٤٤ متباينين : قديم ورثه من آبائه الأولين ، وجديد أخذه عن حضارة الأوربيين . يظهر ذلك في ملبسه ومسكنه وشارعه وجمعياته وأنديته وأفكاره . وهذان العنصران يتفاعلان تفاعلاً غريباً ، ويتصادمان أحياناً تصادماً عنيفاً ، فترى الرجل يلبس اللباس الشرق من عمامة وقباء أو طربوش وجلباب، ويتحدث في التليفون المصنوع في إنجلترا ، ويحمل ساعة مصنوعة في سويسرة ، وفي البيت سجادة عجمية وحصير بلدى ورديو أمريكي ، وفى المجلس الواحد حديث عن قوة السحر والتعاويذ وحديث عن نظرية دارون فى النشوء والارتقاء ونظرية أينشتين في النسبية . وفى الناس من يمجد كل قديم ويكره كل جديد ، ومنهم من يمجد كل جديد ويكره كل قديم ، وهكذا وهكذا . والعنصران يعملان في كل أمة شرقية ، وإن اختلف مقدار كل عنصر في طبقاتها المختلفة ، فالطبقة الفقيرة يتجلى فيها عنصر القديم ، والطبقة الغنية على العكس من ذلك . هذا فى الماديات. والطبقة المتعلمة على النمط الحديث أكثر تأثراً بالعنصر الجديد في الأفكار والآراء ، على العكس من الطبقة الجاهلة أو المتعلمة على النمط القديم ، وهذان العنصران يمتزجان امتزاجاً غريباً، ويترتب على امتزاجهما والأخذ بهما محاسن ومساوى، ومزايا ومضار، ففى القديم خير وشر ، وفى الجديد خير وشر، فإلى أي حد ينتفع بخير القديم ويتجنب شره ، وإلى أى حد ينتفع بخير الجديد ويتجنب شره ؟ هذا أيضاً ما شغل المصلحين . والمرأة ، كانت قبل القرن التاسع عشر في الشرق جاهلة محجبة ، تربى داخل البيوت تربية منزلية ، ولا تعرف شيئاً مما وراء البيت ؛ ضيقة العقل ، محصورة الأفق. وهى هى التى يعهد إليها في تربية الجيل ، فلما جاءت المدنية الغربية إلى الشرق أخذ عنها تعليم البنت وتربيتها وتهذيبها وفتح المدارس لها . فكان هذا تطوراً اجتماعياً خطيراً ، إذ أخذت المرأة تطالب بحريتها وحقوقها ، وأخذت تنال ذلك