صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/382

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٤٦ –

- ٣٤٦ - تم مشكلة التعليم ، فقد كان التعليم عندنا سائراً على النمط القديم فيما يعلم وكيف يُعلَّم ، فأخذنا بعض الأساليب الحديثة في التعليم كالذي رأينا في سيرة على باشا مبارك في مصر والسيد أحمد خان في الهند ، وخطا الشرق خطوات موفقة في ذلك، ولكن لم يحل كل مشاكل التعليم ولا أكثرها ، فلا تزال الأمية فاشية، ولا تزال الثقافة الشعبية ضعيفة ، وما اخترع من أساليب جديدة في التربية الأوربية لم يطبق التطبيق الكافى المفيد الواسع، ولا يزال ما يجرى من إحصاء للأميين والمتعلمين والمثقفين وغير المثقفين ، ومن تثقفوا ثقافة عالية ومن لم يتثقفوا هذه الثقافة ، يبعث على الألم ويدعو إلى الإصلاح. ولعل من أهم المشاكل التى تواجه العالم العربي الآن استخدامه لغتين : عامية وفصيحة ، والفرق بينهما كبير ، يستعمل إحداهما في البيت وفى الشارع وفى المجالس ، ويستعمل الأخرى فى الكتابة والقراءة ، ولم تنجح أية محاولة في التقريب بينهما ، وهذا أضْعَفَ من اللغة الفصحى لأنها لم تكتسب الحيوية التي تأتى من طريق الاستعمال اليومي ، وأضعف اللغة العامية لأنها لم تستفد مما ينتجه الأدباء والشعراء ؛ ولا تزال المشكلة عويصة تتطلب الحل من المصلحين . ثم الفقر ، وهو مشكلة المشاكل ، فالسواد الأعظم من الشعوب الشرقية فقير لا يكاد يجد ما يميك رمقه (۱). مسكنه ضيق مظلم ، وملبسه قدر مهلهل ، وفقره يستتبع سوء حالته الصحية وحالته التهذيبية ، فالفقر والجهل والمرض عوامل متفاعلة متشابكة يؤثر كل عامل منها فى الآخرين - والفروق بين طبقات الشعب الواحد في الشرق أكبر منها فى الغرب . وقد كانت الحال تجرى هادئة مطمئنة يوم كان الفلاح الفقير والعامل البسيط يستسلم للقدر ، ويوم كان يلطف من الفقر إحسان المحسنين ، ويوم كانت مطالب الحياة قليلة وأسعار السلع رخيصة . ولكن تعقدت (1) الرمق : بقية الحياة .