صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/385

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٣٤٩ –

٣٤٩ - ثم يضع خطة الإصلاح في إتقان وإحكام على ضوء ما درس ، ثم يُعدُّ الرأى العام ليستجيب لدعوته ويتحمس لمطلبه . هو - عادة - يلقى العقبات في طريقه ، والأشواك يُشَاك بها أثناء سيره ، لأنه بإصلاحه - يدعو إلى نوع من التجديد، والناس - في الأعم الأغلب - عبيد ما ألفوا ، فإذا دعوا إلى جديد لم يألفوه خاصموه وحاربوه ، فإذا ألح المصلح في دعوته : ألحوا في خصومتهم . وكثيراً ما تنتقل الخصومة إلى إيذاء ، فيهم في عقله وفي أمانته وفى شرفه ، وقد قال وَرَقة بن نوفل لمحمد صلى الله عليه وسلم حين عرض عليه دعوته : ( ما جاء أحد بمثل ما جِئْتَ به إِلا أُوذِى » وقد رأينا فيما D ، عرضنا من المصلحين فى هذا الكتاب أنواع ما أصابهم من الأذى ، فمنهم من نفى ومنهم من سُجن ومنهم من قتل ؛ ولكن لا يكون المصلح مصلحاً حقا حتى يؤمن الإيمان العميق بدعوته ، وحتى تكون مبادئه أحب إليه من نفسه ، فيصبر على الأذى ، ويتحمل العذاب فى ثبات ، حتى تنتشر دعوته وتتحقق مبادئه . وكما أن لكل جيل مشاكله التى تنجم من نوع حياته ، فلكل جيل مصلحوه الذين يتناسبون وزمانه ؛ فلا بد أن يكون المصلح عارفاً لأمته ، مطلعاً على خفاياها ، واقفاً على أسرار نفسيتها ، خبيراً بطرق توجيهها ، يعرف كيف يخاطبها بلغتها ، وكيف يتملك زمامها ، وكيف يكون موضع تقديرها وإجلالها . ولا يكون ذلك حتى يكمل نفسه ويسبق قومه - وقد زرع المصلحون من فحصدنا ، فليزرع شبابنا لمن يأتى بعدهم ليحصدوا ، جزاء وفاقاً . ٢٠ سلفنا