صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/41

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

على أشقيائها ، وأثبت إدانة أربعة منهم وأعدمهم ، وحبس ثمانين أرسلهم إلى الآستانة ، وهدأت الفتنة ووضع مشروع الإصلاح ، فكان ذلك مما لفت الأنظار إلى قوته وحزمه . كما لفت الأنظار إلى حسن إدارته عندما عين والياً في الصرب و بلغاريا ، وقضى فيها أربع سنوات كان فيها مجدداً حقاً ، يختلف عن سائر الولاة العثمانيين : بث المدارس فى أنحاء الولاية ، وأنشأ المستشفيات ، وأصلح من الطرق نحو ألفى ميل ، وبنى نحو ١٤٠٠ جسر ، فإذا أعوزه المال الرسمى حض الأهالى على التبرع فأجابوه ، بعد ما لمسوا قيمة الإصلاح في تحسين حالهم ؛ وأهم ما تمتاز به إدارته مما كان جديداً فى نظر العثمانيين - عدم تفرقته في سياسته وإدارته وعدله بين مسلم ومسيحى ، ثم شدته المتناهية على العصاة ومثيرى الدسائس ، ومعاقبته لهم بما يؤمن البرىء ، ويردع المسيء ؛ فأصبحت بفضله هذه المقاطعة على فقرها وكثرة فتنها مضرب المثل فى الغنى والأمن أيام حكمه من غير أن يكلف الدولة مالا. كل هذا كان إرهاصاً (1) عما سيكون، إذا أسندت إليه شئون الدولة . إن ضعف الدولة العثمانية الذى ذكرنا ، وعدم كفاية السلاطين المتأخرين ، محبتهما مشاكل فى منتهى التعقيد ، فعناصر الدولة متعددة ، ويكفى البلقان وحده - بما يشمل من البوسنة والهرسك وسر بيا وألبانيا واليونان و بلغاريا ورومانيا - وما يقطن فيه من أمم كثيرة متناقضة المطالب أن يقض مضجع أية دولة مهما بلغت من القوة ، وخاصةً بعد ما جاءت عدوى القومية فأثارت نوازع كل عنصر من هذه العناصر نحو الاستقلال ، فكيف بالدولة العثمانية ، وكيف ذلك مع ألاعيب (1) إرهاس: علامة ودلالة .