صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/45

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

الإخاء ، ويحمى الأمة من شهوات الأمراء والسلاطين ، ويوحد بين عناصر الأمة المختلفة ؛ ويرى عبد العزيز وحاشيته وكثير من رجال الدين و بعض رجال السياسة أن الحكم النيابي لا يصلح للدولة العثمانية لاختلاف العناصر فيها وعدم التجانس، وميل كثير من الطوائف المسيحية إلى ترويج مصالح الأمم التي ترتبط بها ، وعدم بلوغ الأمة حدا من العلم يهيئها لهذا الحكم وتفضيل مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية إلخ . إذ ذاك ظهر الصراع بأجلى مظاهره ، وانجلى الغبار عن معسكرين متميزين بأعلامهما وجنودها : هذا معسكر مدحت باشا على رأس حزب كبير من الكبراء والوزراء والأمراء وطائفة كبيرة من الشباب ، وهذا معسكر على رأسه السلطان عبد العزيز وحوله الحاشية ومحمود باشا نديم رئيس الوزارة ، وهو يمد السلطان بكل ما يحتاج إليه من أموال الدولة ، ينفق منه أقله في المصلحة العامة وأكثره فى شهواته ، ثم يؤيده كثير من المعممين من رجال الدين قد اشتريت ذمهم بما أغدق عليهم من أموال الأمة ، فهم يستون كل حركة تدعو إلى الإصلاح فتنة ، ويقولون : سلطان غشوم (۱) خير من فتنة تدوم . وكان لكل معسكر أيضاً أدباؤه وكتابه وشعراؤه ، فمع مدحت باشا كتاب من الطبقة الأولى يحررون فى الصحف الفرنسية والتركية والعربية . وأبدع . ( نامق كمال » أدباً تركياً يتغنّى بالحرية فى أسلوب جديد ، جميل في بساطة ، واضح في قوة ؛ وأدب آخر رجعى يشيد بذكر السلطان ويهجو دعاة الحرية والإصلاح، ومنهم صاحب جريدة « الجوائب » وكتابها . D والدول الأوربية نفسها تدخل فى هذا المعترك ؛ فإنجلترا تعطف على مدحت لأنها بحكم نظامها تميل إلى الديمقراطية وإلى الدستور، ولأن في صلاح تركيا (۱) غشوم : ظالم .