صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/48

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

<--- محمد رشدى باشا ، فمكنته هذه الوزارة الأخيرة أن يعكف على وضع النظم واللوائح لإصلاح الدولة . لا تحمد عقباه ، وكتب مدحت إلى عبد العزيز كتاباً ليناً فى مظهره شديداً في جوهره ، قال فيه: لقد صرحتم جلالتكم في خطاب العرش بأنكم تلتزمون خطة الإصلاح المنشود ، ومع هذا فقد ساء الحال ، وأنتجت كثرة تغيير موظفى الدولة القلقلة والاضطراب ، وضل أكثرهم الطريق ، ولم يسيروا وفق مقصدكم ، بل خرجوا عن جادة (1) الاستقامة وأفسدوا ما أحدثه الإصلاح، واختلت مالية البلاد ، وحدا ذلك بالناس إلى نشر الأراجيف (۲) في داخل البلاد وخارجها، وخاف الناس أن ينتج هذا انقراض الدولة . وقد اضطرتنا وطنيتنا إلى عدم السكوت والوقوع فيما فلجأنا إلى أعتابكم الشاهانية ... ولا يخفى على حكمة جلالتكم أن الدواء الشافي لهذه العلة هو اجتثاث أسبابها التي نعرفها حق المعرفة ، فإذا أزيلت الأسباب زال المرض ... فإذا أصدرتم خطاً همايونيا جديداً حتمم به اتباع القوانين والنظم والمساواة بين الغنى والفقير والكبير والصغير في نظر القانون ، وأرجعتم المنشآت الخيرية إلى أصلها ( وكان السلطان استولى عليها)، وصرفتم الأموال في سبيل ما خصصها له الواقفون ، وأعدتم مرجع أمور الدولة إلى الباب العالى ( الوزراء ) فيقر قراراته ويعرضها على جلالتكم ، ولم تستأثروا جلالتكم بشيء من حقوق الدولة المالية والملكية ولم تصرف المالية قرشاً واحداً إلا برأى الباب العالي ، وحددت وظائف كبار الموظفين وأصاغرهم ! وجُعِل الوزراء مسئولين عن نتائج أعمالهم ، وحَتَمْتُم ذلك على خواصكم ورجال حاشيتكم - إذا تم ذلك كله حصلت النتيجة المطلوبة بعون الله تعالى ، ووصلت الدولة إلى الطريق الذي ترجوه جلالتكم . (1) الجادة : الطريق . (۲) الأراجيف : الأخبار الكاذبة السيئة .