صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/49

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

هذه الأقوال هى نتيجة أفكارنا ، وربما أخطأنا ... ونحن نطلب من جلالتكم تخليص الأمة - التي قد أصبحت مصالحها بين يديكم - من أزمتها الحاضرة . وعلى كل حال فالرأى لكم » . في هذا الكتاب مجمل أفكار مدحت باشا ونظرته إلى الإصلاح. أعد مدحت باشا هذا التقرير وهو وزير العدل، وعرضه على الوزراء فاتفقت كلمتهم عليه ، واتفقوا على أن يرفعه الرئيس إلى السلطان عبد العزيز ، فقابله ولم يستطع أن يفاجئه ، فحدَّث السلطان أحاديث مختلفة ثم تدرج إلى ذكر هذا الكتاب ، فلما سمع كلمة الإصلاح والشورى والدستور هاج هائجه ، وأصدر أمره في الحال بعزل مدحت باشا من الوزارة، وإبعاده بتعيينه واليا لسلانيك ؛ وبعد أيام عزل شروانى وعينه والياً لحلب، وبذلك أبعد الاثنين اللذين يذكران الإصلاح. ولم يمكث مدحت طويلا فى سلانيك فعزل بعد ثلاثة أشهر ، وأخذ يصلح في مزرعته ، ويفكر في أمته . هذا مدحت باشا - فى مزرعته - يفكر ، كل محاولته في الإصلاح ضاعت سدى ، لصلابة السلطان عبد العزيز الذى يأبى أن يسمع كلمات « الشورى ، والدستور، والعدل ، والحرية ، والأمة » ؛ وكل من نطق بهذه الكلمات كان عرضة للنفى والتشريد والقتل والعزل كما حدث له . إن السبب الوحيد لتذمر المسيحيين في الدولة هو فقدانهم الحرية ، فمتى منحوها عطفوا على الدولة وشعروا أنهم جزء منها . وسبب ضعف المسلمين هو فقدان الحرية ، فمتى شعروا بحريتهم أقدموا على عملهم ونشطوا ، وكتبوا ، وتعلموا ، واستخدموا ذكاءهم ومواهبهم لإسعاد أنفسهم وأسرتهم وهيئهم الاجتماعية .