صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/51

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

أبعد ؛ ففؤاد باشا مات محتقراً مهيناً ، وعالى باشا دست له الدسائس حتى عزل من منصبه ، ولها ما هما في الكفاية والاستقامة ؛ وإنما يقرب أمثال محمود نديم الشره الجاهل الذى يقدم مال الدولة للسلطان ، ثم ينتهب لنفسه ما نالته يده . رحم الله فؤاد باشا وعالى باشا ، فقد رأيا أن السلطان لا يسمع لقولهما في الإصلاح ، تفكرا في حيلة لطيفة : أن يشوفا السلطان عبد العزيز لزيارة أوربة ، وينتهزا فرصة زيارته للعواصم الأوربية فيبينا له ما وصلت إليه من النظام والتقدم ، ويشعراه من طرف حتى بأن سبب هذا كله حُسن الإدارة وصلاحية الحكم ، لعله إذا عاد تحفزت نفسه لحسن التقليد ، فأصغى إلى المصلحين وشجعهم على الإصلاح ، وسار في أموره غير سيرته، والتفت إلى رعيته، ولكن خاب فألها فقد عاد أشد إسرافاً ، وأكثر تبذيراً في ملذاته . عاد ووعد ثم أخلف ما وعد ؛ وكل ما فعل أن حقد عليهما لأنهما أشارا عليه بانتخاب مجلس فى كل ولاية يجدد كل سنة المشاركة الوالى في أعماله ، وبذل النصح له، فرأى أنها فكرة شيطانية يراد منها التدرج إلى البرلمان أو الدستور ، ذلك الشَّبح المخيف، وكل ما جنته البلاد من هذه الرحلة إنشاؤه مصانع ومتاجر باسم خزانته الخاصة لا باسم الشعب . ثم هذا السلطان يستدين ويستدين ؛ فقد كانت ديون الدولة في آخر أيام السلطان عبد المجيد ٢٥ مليون ليرة ، قبلغت بعد ١٢ سنة - يفضل عبد العزيز - ٢٥٠ مليون ليرة ، فما . مصير الدولة إذا استمر الحال على هذا المنوال ؟ ، يظهر أن لا أمل في الإصلاح مع وجود عبد العزيز»، بل لا أمل حتى لو أصدر لوائح الإصلاح ، وأوامر إنشاء القوانين للمحاكم والنظم للمدارس ، فقد جربناه فرأيناه يطأطيء للعاصفة حتى تمر" ، فإذا مرت عاد سيرته الأولى ، وحل ما عقد ، ونقض ما أبرم . لم يبق إلا أمر واحد ، وهو تهيئة النفوس لعزله ، ووضع الخطط المحكمة لإنزاله عن عرشه ؛ ومع الأسف لا يمكن أن يتم ذلك إلا بالجيش ، وفى هذا خطره ،