صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/52

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

<-- ولكن قد تعلمت في جامع الفاتح أن الضرورات تبيح المحظورات . فإذا تمت الأمور وعزل عبد العزيز ، وأقيم مكانه سلطان جديد أقامته الأمة بقوتها ، وأعلن يوم توليته - الدستور ، شعر بأن الأمر بيد الأمة فأطاعها ، وأنه مدين لعرشه بالدستور فاحترمه ، وسارت الأمور سيراً حسناً : دستور نافذ ، وسلطان مطيع ؛ و بدأنا حياة جديدة كلها خير على الأمة ، وسرنا في الطريق الذي سارت فيه الأمم الحية ، نأخذ محاسنهم ، ونتجنب أخطاءهم ، فإذا الحياة سعيدة ، والعدل شامل ، والدستور مكفول ، فلنسر على بركة الله . هكذا فكر مدحت ، وهو يشرف على الإصلاح في مزرعته ، والفؤوس تضرب في الأرض ، والنواعير تبكى بدموع غزار . سارت الأمور أول الأمر كما فكر تماماً ، فها هو يدبر الحركة ويتصل بالشبان والشيوخ الذين سئموا هذه الحال ، ويتفق معه فى الرأى حسين عونى باشا ( سر عسكر الدولة ) ، وهما يتصلان بناظر البحرية وشيخ الإسلام ، ويتفق الجميع على خلع عبد العزيز في يوم معين . حتى إذا جاء اليوم أتى الأسطول فرسا أمام سراى طولمه بغجة ، واجتمعت العساكر فأحاطت بالقصر، ودخل على السلطان من أبلغه خبر العزل ، فاستخف بهذا الخبر ، فأشهدوه العساكر والأساطيل والجموع المحتشدة فاستسلم ، وأنزلوه من السراى ، ووضعوه في قصر غم ومعه والدته وثلثمائة أنثى ، بين زوجات وجوار مملوكات ووصيفات وخادمات ؛ واختصروا حاشيته فاستغنوا عن ۱۲۰۰ سائس و ۱۰۰۰ طبلکار ( حامل طبليات الطعام ) و ٦٠٠ «قواربی» وأمثالهم من الخدم ، وقطعت مرتباتهم للضائقة المالية التي حلت بالدولة . و بعد بضعة أيام وجد السلطان مقتولا ، فقيل إنه اعتدى عليه بالقتل ، ويرى الأكثرون ، و يقرر جمع من الأطباء ، ويؤكد ذلك مدحت ، أن السلطان أخذته العزة فقطع شرياناً من ذراعه بمقراض (۱) فمات (۱) مقراض : مقص