صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/53

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- 10- ومهما كان فقد بويع السلطان مراد فلم تمض عليه أيام حتى ظهر جنونه واختلط عقله ؛ فولّى السلطان عبد الحميد بعد ثلاثة أشهر ، وحمل « مدحت » عبء هذه الأحداث الفظيعة والربكة الشنيعة ؛ وهو في أثناء مرض السلطان مراد يجتمع بأعوانه ويدرس قوانين أوربة ونظمها ويختار أنسبها وكان في ذلك يضع إحدى عينيه على النظم الأوربية والأخرى على حالة الدولة ، فما كل ما يصلح لأوربة يصلح لها ؛ وفى ذلك يقول : ( إن أخذ القانون من أوربة ووضعه لنا لأنه أفادهم يشبه أخذ آلة من الآلات عندهم للنسج وجلبها إلى بلادنا وليس عندنا فرد يقدر على إدارتها والاستفادة من سرعتها . وفضلا عن ذلك فكثير من القوانين لا يوافق كل الولايات في دولتنا ؛ فالقانون الذي يوافق ولايات حلب وسورية وبغداد لا يوافق ولايات بروسة وأزمير وأدرنة ؛ وقد يكون القانون فى بعض الولايات عدلا ، وفي بعضها ظلماً ، فيجب النظر إلى هذه المسألة عند تغيير القوانين . وإن مسألة استقلال المحاكم ، وأصول جباية الأموال ، وقوانين الإدارة وغيرها من القوانين والنظامات قد استعملها الأفرنج فأفادتهم بسبب رقى الأهالى ومدنيتهم ؛ فقانون الأراضى مثلا يقضى علينا بتعيين المهندسين ، ومعرفة مقادير أراضى بلادنا وأصحابها ووضع الضرائب اللازمة ، وهذا لا يتم بواسطة كاتب واحد يتقاضى ۱٥۰ قرشاً فى الشهر ، فالأفرنج يعينون لكل قرية لجاناً ومهندسين يمسحون الأراضى ويقدرون الضرائب ، ونحن لا نعرف لليوم عدد سكان بلادنا ولا مقدار أراضينا . فيجب تدريب الرجال وإلقاء أزمة الأمور إليهم بالتدريج ... كما يجب تخصيص الأعمال لكل طائفة ؛ ففي أوربة للمالية اختصاصها ، وللحربية اختصاصها ، وكذلك للداخلية والعدل ، أما عندنا فالأمور كلها منوطة (1) بالوالى». (۱) منوطة : متعلقة .