صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/55

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

EY - ولم يعرف لطهارته أساليب دسائسهم ، واقتنع بالبسمة على وجوههم ، ولم ينفذ منها إلى الغل فى أعماق صدورهم ، ولم يقدر قوة العدد الجم الذى كان يغتنى من الظلم وسيفتقر بالعدل ؛ والذى كان يثرى من كلمة ملق أو تسويد سطر بوشاية ، فأصبح العدل أن يجرده من ثرائه وينزله عن جاهه ؛ والذين كانوا بيشرون خائفاً من أنفسهم بمواتاة الحظ لأنهم فقدوا أن ينالوا شيئاً إلا ببذل الجهد . وشی آخر هام فاته، وهو أن من عاش طويلا في ظل العبودية لا يتعلم سريعاً مزايا الحرية، وأن الأمم السابقة إلى النظم الديمقراطية لاقت الأهوال قبل أن تعتدل، وتأرجحت كثيراً قبل أن تتوسط ، والذي نفعها أنها لم يكن يطمع فيها طامع ، فقضت مدة التجربة وهى آمنة مطمئنة ؛ أما هذه الدولة فلا ينتظر مدة تجربتها أحد، فإذا بدأت تجرب قالوا لا تصلح ، وإذا أخطأت لم يقولوا إنه عرض مفارق بل قالوا طبع ملازم . فهذا مجلس المبعوثان يجتمع فيشتط بعض أعضائه في القول من غير حساب حتى يثير بأقواله مشاكل ومخاوف ما كان أغناه عنها ، وكل ولاية تظن أن مبعوثيها نائبون عنها لا غير وليسوا نائبين عن الأمة ، وأن عليهم أن ينفذوا جميع رغائبها ولو كانت غير عادلة ، ولو كانت لا تتفق ومصلحة الدولة من حيث هي كل ؛ ويحمل البريد إلى كل مبعوث ما ينوء بفتحه بله (۱) قراءته : هذا يطلب عزل خصمه وتوليته بدله ، وهذا يلتمس رتبة ونيشاناً ، وهذا راغب فى وظيفة ، وهذا راغب في ترقية، حتى بلغ الحال أن مكارياً (1) سرقت دابته فبعث إلى مبعوث ولايته أن يأمر بإعادتها إليه . وربما كان هذا طبيعياً والنظام جديد ، والجهل عريق ، ولا بد من فترة تمر (۱) بله : بمعنى دع ، أى فضلا عن قراءته . (۲) المكاري : مؤجر الدواب .