صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/56

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-EA- حتى يفهم الناس أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة ، وأن مبعوث الولاية نائب الأمة أولا وولايته ثانياً ، وأنه كلما خفف ناخبوه مطالبهم زادوه مقدرة على نفع أمتهم ؛ ولكنهم أنّى لهم بمن يصبر على سخافتهم ، ويفسح الصدر لمراتهم ، والأعداء كثيرون في الداخل والخارج وهم لهم بالمرصاد ؟! وزاد الأمر سوءاً أن روسيا إذ ذاك لم يرضها هذا الحال ، فاحتجت على ذلك وتأخرت في الاعتراف بالنظام الجديد، ولعبت بالبلقان فحركته ، وثارت الثورات في أنحائه ؛ فتورة فى الصرب ، وثورة فى الجبل الأسود والبوسنة والهرسك ، والحروب قائمة ، ، وانتصارات الدولة لا تفيدها عند الدول ، وانتصارات عدوها تفيده ؛ والدولة فقيرة فى المال بما أسرف عبد العزيز ، وفقيرة في رؤساء القواد ، فقد قتل حسين عونى باشا وغيره معه بيد أثيمة ، وروسيا تريد فصل البلغار عن الدولة ، ولكل دولة مطامع . ومدحت يتحمل كل هذه الأعباء الداخلية والخارجية فى صبر عجيب ، فنهاره في تنظيم الشئون الداخلية ، وليله في المشاكل الخارجية ، وفى ذلك يقول : « تحملت من المتاعب من يوم جلوس السلطان مراد ما يفوق القدرة البشرية ، وكنت أقول ليست هذه الحياة لي بل للأمة ، وقد وقع الوطن في مصائب داخلية وخارجية ، فواجب أن أسمى في تخليصه من مخالبها » . وفيما هو كذلك مسلم إليه أحد رجال المابين كتاباً فتحه وقرأه ، فإذا فيه عزله و إبعاده إلى خارج الدولة فوراً من غير أن يعرج على أهله ، وذلك بعد شهرين من صدارته . فالح مدحت على رجل المابين أن يراجع السلطان في بيان السبب ؛ فعاد وقال : إن السلطان يقول إن المادة ۱۱۳ من الدستور تُخَوِّلُ السلطان حق إبعاد الذين ترى نظارة الضابطة سوء حالهم ، وقد قدم ناظر الضابطة إلى جلالة السلطان تقريرين وقع عليهما وها هذان . تفتح مدحت أحدهما فإذا فيه : « إن