صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/59

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- 01 - وأنا قادر على القيام بأعباء ما يُطلب منى ، ومصلحة الوطن تضطرني إلى ذلك . وكانت تعترضه صعوبة أن بعض الدول تردُّ عليه بأنه ليس مفوضاً ، ولا له صفة رسمية يتكلم بها ، وأنه ليس إلا رجلا منفيا ، فطلب من الدولة تصحيح موقفه لإتمام مساعيه قلم يجد سميعاً ! وأغرب ما في الأمر بعد ذلك أن يزف إليه « ناظر التشريفات » بشرى ذكرته بمحضر السلطان ، فسأل عنه : كيف يعيش ؟ فقال «ناظر التشريفات» : إنه في حالة بؤس، ينتقل من بلد إلى بلد ، ويعيش بالقَرْضِ ؛ فظهرت رقة قلب السلطان وبكى ، وقال : أرسلوا له ألف ليرة ؛ ثم يحتم الكتاب بأنه يطلب منه شكر السلطان ، وتصرعه إليه بالعفو عنه . ظن المسكين ( ناظر التشريفات » أن كل النفوس ذليلة كذلته ، ملقة كملقه ؛ ولكن هذا الكتاب وقع من نفس مدحت الأبية موقع السهم المسموم في الفؤاد الجريح، فهاج وثار ، ورد عليه فقال : لقد عبرتم للسلطان عن حالى بأنها حال بؤس وفقر وارتحال ، تستدرون بذلك شفقته ، وهذا وصف لا يوصف به إلا فاقد الشعور مثلى عمل ما عمل ، وتولى الصدارة بجدارة . أفاق (١) ، لا رجل وأنا كما وصفتم من أسباب عيشى وقترى ، فقد اقترضت عشرة آلاف فرنك من خرستاكى فى نابولى قنفدت ، وأنا اليوم أسعى فى قرض جديد أسد به رمتى ورمق أسرتي في الآستانة ، ولكني فخور بذلك ، فقد ولدت عارى الجسد ، وسأموت عارى الجسد ، وأنا ابن الحاج أشرف أفندى ونعم النسب ، ومع هذا فلا أنتسب إلا إلى الله ، وذخيرتى أنى عاهدته ألا أقول إلا الحق ، ولو أوصلنى إلى مثل ما ألاقيه الآن من الشدائد . (1) أفاق : متنقل في البلاد للتكسب والاغتنام .