صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/60

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- or - ه وما الذي فعلت من إجرام حتى أطلب العفو ؟ ! لقد سعيت في تولية السلطان مراد بعد عبد العزيز ، فلما مرض سعيت أن يجلس مكانه السلطان . عبد الحميد ، وكان جلوسه مقروناً بإعلان الدستور ووضع خطط الإصلاح . ومنذ خروجي من الآستانة وأنا أفكر في الدولة وسبيل إنقاذها من المهالك ، ولا أفكر فى نفسى ، فماذا في هذا مما يُعتذر منه ؟ . لقد بلغت السادسة والخمسين، ولا أمل لي في الحياة ! فلم يتجاوز أسلافي الستين، فأيامي معدودة، وكل رجائى أن أعيش منفرداً ، وأدعو لولى النعم الأعظم » . هذه خلاصة كتاب أقل ما يوصف به أنه يعبر أصدق تعبير عن قوة مدحت وعظمته ورجولته وسمو نفسه لقد وصف «ناظر التشريفات » هذا الكتاب لما قرأه بأنه كالعروس عطلت من تحليها ، وتريت من ثيابها ، ولكن أين يكون الجمال إذا لم يكن هذا جميلا ؟ وفى الحق أن هناك عيوناً لا ترى الجمال الحق في الإياء والشتم ، و إنما ترى الجمال المتصنع في النفاق والملق . كان يوماً يصطاف فى الريف عند صديق له من دوقات الإنجليز، وإذا بسفير الدولة العثمانية في إنجلترا يقابله ، ويبلغه أن السلطان سمح له أن يقيم أسرته فى جزيرة كريد » . فذهب إليها وعاش فيها مع أسرته نحو شهرين . ثم عين والياً لسورية ، ثم لأزمير، ثم كانت مأساته التي ختمت بها حياته كما سنبينه بعد . هذا هو

العمود الفقرى فى حياة مدحت، وله بجانب هذا أعمال فرعية في الولايات التي تولاها ، وهى أعمال خالدة لا تزال تذكر من أهل البلاد التي عمل فيها بالحمد والثناء .