صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/61

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

٥٣ - لقد ولي العراق ، وولى سلانيك ، وولى الشام ، وولى أزمير، وكان له في كل أولئك خطة واحدة ، يعمد - أولا - إلى الأشقياء الذين يعبثون بالأمن فيضر بهم ضربة تنخلع منها قلوبهم وقلوب أمثالهم ، فإذا الأمن شامل والهدوء عام . ثم ينشر العدل بين الناس فيطمئنون على أنفسهم وأموالهم ؛ ويعمل بالشورى فيحيط نفسه بمجلس من خيرة الولاية يستشيرهم في أمورها ، ويجرتهم على قول الحق في صراحة ، ويعلمهم كيف يعالجون المشاكل ؛ ثم يصلح الطرق ويربط الولاية بشبكة محكمة ؛ لأن ذلك يمين على الإسراع فى ضبط أمورها ؛ ثم يضع الخطط لاستغلال منابع الثروة في البلاد على خير وجه ، كل ولاية بما يناسبها ، حتى يزيد نتاجها على نفقاتها ؛ ويأخذ من المال الناتج لإنشاء المدارس ونشر التعليم ، وهو بعمله هذا يضع نواة العلم في بلاد فشا فيها الجهل وكادت تعم فيها الأمية . تولى العراق سنة ۱۲۸٥ هـ - سنة ۱۸۷۰ م في عهد السلطان عبد العزيز فأخضع رؤساء المشائر بعد عنادها ، ودوّخ العصاة وطاردهم في أوكارهم ، ثم أصلح أداة الحكومة، فأقبل الزراع على زراعتهم ، والعمال والصناع على عملهم وصناعتهم ؛ وأنشأ أول مطبعة في بغداد ، وشجع على إنشاء جريدة سماها « الزوراء ) ؛ وحث الشركات على العمل ؛ فشركة تسيّر البواخر بين بغداد والبصرة ، وشركة تسير الترام بين بغداد والكاظمية ؛ وقرب المسافة بين بغداد والبصرة بتحويل مجرى دجلة ، وبثّ المهندسين الزراعيين يدرسون حالة البلاد الزراعية ، وأنشأ متنزها عاما في بغداد سماه « بستان الأمة » « ملت باغجه می D ومن طريف آرائه أنه عرف أن بالنجف » كنوزاً مدفونة ، فيها كثير من الأحجار الكريمة كانت تُزيّن بها الأضرحة والمشاهد ، قد أخفيت أيام هجوم الوهابيين وهدمهم للقبور، فأخرجها مدحت، وقومها الخبراء بما يزيد على ثلثمائة ألف ليرة ؛ فاقترح مدحت بيعها وإنشاء خط حديدى بثمنها بين