صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/62

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-0 النجف وإيران ) إذ كان قد اشترك فى التبرع بها كثير من الفرس ) ، فلم يوافقه العلماء على ذلك فبطل المشروع . كذلك من طرائفه أنه ألف مجلساً للشورى في بغداد يرجع إليه فى أمور الولاية ، ولم تكن الناس تألف الجهر بالرأى والشجاعة في القول ، ولا تعد لهم بجانب رأى الوالى رأياً ، فجمعهم يوماً وقال لهم : إني أرى الحاجة ماسة إلى استئذان الباب العالى فى زيادة الضرائب لتنفيذ ما نرى من وجوه الإصلاح فماذا ترون ؟ قالوا جميعاً موافقون ، هذا هو الرأى ، وهى الحكمة ؛ فكتب بذلك محضراً وختمه جميعهم ؛ ثم جمعهم في اليوم الثاني وقال : لقد فكرت في أمر زيادة الضرائب فتراءى لى أنها ظلم فادح لا يستطيعه الناس ، ولكن محضر أمس أرسل ، فإذا رأيتم هذا الرأى صواباً كتبنا آخر ألحقناه به ، وبينا الأسباب الموجبة لنقضه ، فقالوا : نِعمَ الرأى ما رأيت ؛ ووقعوا على الثاني كما وقعوا على الأول . فأمسك بالمحضرين هذا بيد وهذا بيد ، وقال : والله ما أرسلته ولكن أردت أن أختبركم ، فما قيمة المجلس إذا رجعتم دائماً إلى رأيي وحده ؟ ! ثم ألقى عليهم درساً قاسياً فى الحرية وفوائدها ، والشخصية وتكوينها، والاستقلال في الرأي ومزاياه . وكانت ولايته للشام أصعب، فقد تولاها في العهد الحميدى بعد موقفه من عبد العزيز واتهامه بالجمهورية ، وعداء السلطان والمابين والوزراء له . كلهم يتربص به الدوائر . ثم مشاكل الشام أعقد من مشاكل العراق ، فهذا مشاكله بدوه وعشائره ، وعلاقته بإيران ونحو ذلك ؛ أما مشاكل الشام فأخطر : أمور لبنان تتصل بفرنسا ، وأمور الدروز تتصل بانجلترا ؛ ولكل دولة مصالح و مدارس و كنائس ، وغير ذلك . فكان أول ما لفت نظره ما ذكر من « أن مسلميها قد فشا بينهم الجمل ... ومدارس الإفرنج تتقدم كل يوم تقدماً مدوساً ، وليس للحكومة سوى بعض مدارس ابتدائية يقرأ فيها الأحداث