صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/65

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

<- by - تسميمنا واحداً بعد واحد ، ولكن ظهرت نيتهم . ولا بد أن يصلوا يوماً ما إلى غرضهم . فإذا جاءكم خبر وفاتي قبل كتابي فلا تحزنوا . وأنا أرجو من الله المغفرة فقدمت فداء الوطن ، وأستودعكم الخالق الباقي » . قضى مدحت حياته كلها في الإصلاح الاجتماعي ، يختار من المدنية الحديثة أحسن ما وصلت إليه في تنظيم الحكم على أساس الشورى التي تتفق وتعاليم الإسلام ، ويأخذ خير أساليبها في نشر العلم وتنظيم الحياة الاقتصادية للبلاد ، ويراعى في ذلك كله مستوى الأمة ومقدرتها على الامتصاص ، فيعجل ما أمكن ، ويؤجل ما لم يمكن إلى أن يمكن ، ويعدل ما يأخذه حتى يتفق وعقلية شعبه ، ويلتذ من المذاب يصيبه فى هذه السبيل ، لأنه ربط الإصلاح بعقيدته الدينية ؛ فالدين في نظره ليس صلاة وصوماً فقط ، ولكنه مع ذلك عمل الخير لشعبه ، ولا خير أرقى من الأخذ بيد الأمة لتفهم حقوقها وواجباتها وتثور على من يقف عقبة في سبيل تقدمها - ومن أجل هذا كان هادئاً مطمئنا مستبشراً وهو في منفاه ، يرتقب الموت من ساعة إلى ساعة ، ويقول لأهله في بعض كتبه : إنى أقرأ القرآن وأستعيد حفظه ، وأستعذب تكرار آية ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه ، وأعدها أكبر عزاء لى ، وأهزأ بما أسمع من هجاء وافتراء ، فقد سلّمت كل أمورى لربي. إن الحياة محدودة وهي كالموبة ، ومحنتنا يكافئنا عليها ربنا ، ولنا أسوة فى الأنبياء والأولياء الذين قتلوا أو سجنوا فصبروا على ما أصابهم . فإذا فرغ من عباداته ، دون بعض مذكراته